[color=blue][size=18]بدموع الإيمان نستقبل شهر رمضان
الحمد لله الذي وفق العاملين لطاعته, فوجدوا سعيهم مشكوراً, وحقّق آمال الآملين برحمته فمنحهم عطاءاً موفوراً, وبسط بساط كرمه على التائبين فأصبح وزرهم مغفوراً, وأسبل من نعمه على الطائعين وابلاً غزيراً, وأشهد أن لا إله إلا الله جعل لكل شيءٍ قدراً مقدوراً, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل: " أفلا أكون عبدا شكوراً؟ " وصلى الله عليه، وعلى آله وصحبه أياماً ودهوراً.... أما بعد:
إخوة الإيمان:
بشراكم بقدوم شهر رمضان المبارك, وحق لكل قلب أن يستبشر بمقدم الضيف العزيز، فقد وفد علينا وحلّ بدارنا بعد طول غياب، وعظيم شوق، فهو ضيف ليس كالضيوف, وحبيب ليس كالأحبة.
إنّ الواحد منّا عندما يغيب صديقٌ له - ولو لمدة شهر - ثم يعلم بقدومه إليه؛ لا تسأل عمّا يفعله من أجل هذا الضيف، من حفاوة وتكريم. فكيف بأعز حبيب نفقده، ولمدة سنة كاملة؟!.
فما أجمله من لقاء, وما أعظمها من فرحة, اللّهمّ أهلّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، واغفر لنا كل قبيح سلف وكان, وأعتقنا فيه من نفحات الجحيم والنيران, وأعنّا على الخير، يا من إذا أُستُعِينَ أعان.
وإنّها لنعمة كبيرة أن نبقى أحياء حتى نعانقك يا رمضان؛ وأن نعيش أيامك ولياليك في رحاب روحانية ليس لها مثيل, وحُقَّ لكل مسلم أن تذرف عيناه دموع الفرحة بمقدمك، بعد أن بعدت الشقة، وحلّت بفرقك المشقة, ولا نُلامُ إذا انهملت الدموع على الخدود, وجادت بأغلى ما لديها.
يا عيوناً أرسلت أدمعها ما بذا بأس لو أرسلت الدما
فما عسانا نقدم لك أيها الضيف العزيز؟! وهل سنوفيك حقك؟!.
والله لو كانت القلوب سليمة لهزّها الشوق للقائك، ولأعددت العدة لاستقبالك.
والله لو لم يكن فيك إلا طرب القلب، والوقوف عند باب الرب، والانطراح بين يدي الخالق, لكفى.
وجاء رمضان بعد عام، لا ليقول للبطون: جوعي، ولكن ليقول للقلوب: استقيمي, وللوجوه: استنيري, وللجوارح: استكيني, وللعيون: بمائك جودي.
وحقٌّ لعين أن تريق دموعها ولا خير في عين بذلك تبخل
جاء رمضان، لا ليعذب الناس, ولكن ليقول: إني شهر الرحمة والمغفرة، والعتق من النار, جاء رمضان ليرسم لنا طريق التقوى، وليغرس الإيمان في قلوبنا، ويبعث النشاط في نفوسنا.
اشرأبت لك يا رمضان أعناق المؤمنين, وطارت إليك أفئدة المخبتين, نستقبلك يا رمضان بقلوب مفعمة بالسرور، والسعادة والحبور, فحللت أهلاً، ووطئت سهلاً، وحياك الله.
مرحبا أهلا وسهلا بالصيام يا حبيباً زارنا في كل عـام
قد لقينـاك بحـب مفعم كل حبّ في سوى المولى حرام
فاقبل اللهم ربي صومنـا ثم زدنـا عطايـاك الجسـام
من منّا لا تؤنسه لحظات العناق؟! ومن منّا لا تسرّه ساعات اللقاء؟! بدموع الفرحة نستقبلك يا شهر الرحمة.
بكت عيني اليسرى فلما زجرتها عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معًا
إنّ من عرف مكانتك وأنزلك منزلتك، جدير به أن يعمر أيامك ولياليك، وأن يتقي الله فيك, فأنت فرصة لمحبيك, وغنيمة لصائميك, ومكسب لقائميك.
يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنّ من صامك وقامك إيماناً واحتساباً " غُفرَ له ما تقدم من ذنبه ". متفق عليه.
فهنيئا لمن صامك وقامك على الوجه المطلوب, فهو الفائز بالغفران, والداخل من باب الريان في جنات الرضوان, ويا خسارة من فرّط في إكرامك، وارتحلت ولم يغفر له بإدراكك, يقول عليه الصلاة والسلام: "رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف. قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك رمضان فلم يُغفر له". رواه مسلم وأحمد
حق الرغام، ودسّ الأنف في الركام؛ لكل من حللت ولم يبال بمقدمك, ووفدت ولم يقدر هيبتك, إنك الشهر الذي فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران, وتُصفّد فيه مردة الجانّ.
إنّك شهر الخيرات والبركات, تقال فيك العثرات, وتجاب فيك الدعوات, وتضاعف فيك الحسنات, وتغفر فيك السيئات.
إنّ رمضان مضمار السابقين، وغنيمة الصادقين, فيه تضاعف الأعمال, وتحط الأوزان, وفيه يجاب السؤال، ويغفر للمستغفر ويُقال, فهو ثمرة الدهور، ومصباح الشهور، وربيع المؤمن يقتطف فيه الأجور، وتزين فيه الجنان والقصور، فجد فيه بالطاعات، واهجر الفتور.
إن الواجب عليك أخي المسلم أن تستشعر نعمة إدراكك لهذا الشهر ونعمة العافية فيه, فكم من إنسان ثاوٍ تحت الجنادل والتراب، يتمنى أن يرجع إلي الدنيا ليتعبد الله! وكم من إنسان طريح الفراش يتمنى الصيام! وكم من إنسانٍ مقعد يتمنى القيام!.
وإننا بحاجة إلي معرفة معنى الصيام وآدابه، وماذا علينا فعله فيه, ولا نكتفي بأن نهنئ بعضنا لقدومه، ونظهر حزننا عند وداعه, إننا نريد أن نجعل من رمضان صفحة جديدة بيضاء، نسطر فيها الولاء لله، والتذلل بين يديه والافتقار إليه, إننا نريد أن تسمو أرواحنا في رمضان، ويسودها الفأل والأمل بموعود الله, فتغلّب على الشيطان، والنفس، والهوى، والدنيا, ونجعل هذه الحياة الدنيوية في أيدينا، لا في قلوبنا, وأن نتجه إلي الله بأفئدتنا وأرواحنا.[/size][/color]
الحمد لله الذي وفق العاملين لطاعته, فوجدوا سعيهم مشكوراً, وحقّق آمال الآملين برحمته فمنحهم عطاءاً موفوراً, وبسط بساط كرمه على التائبين فأصبح وزرهم مغفوراً, وأسبل من نعمه على الطائعين وابلاً غزيراً, وأشهد أن لا إله إلا الله جعل لكل شيءٍ قدراً مقدوراً, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل: " أفلا أكون عبدا شكوراً؟ " وصلى الله عليه، وعلى آله وصحبه أياماً ودهوراً.... أما بعد:
إخوة الإيمان:
بشراكم بقدوم شهر رمضان المبارك, وحق لكل قلب أن يستبشر بمقدم الضيف العزيز، فقد وفد علينا وحلّ بدارنا بعد طول غياب، وعظيم شوق، فهو ضيف ليس كالضيوف, وحبيب ليس كالأحبة.
إنّ الواحد منّا عندما يغيب صديقٌ له - ولو لمدة شهر - ثم يعلم بقدومه إليه؛ لا تسأل عمّا يفعله من أجل هذا الضيف، من حفاوة وتكريم. فكيف بأعز حبيب نفقده، ولمدة سنة كاملة؟!.
فما أجمله من لقاء, وما أعظمها من فرحة, اللّهمّ أهلّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، واغفر لنا كل قبيح سلف وكان, وأعتقنا فيه من نفحات الجحيم والنيران, وأعنّا على الخير، يا من إذا أُستُعِينَ أعان.
وإنّها لنعمة كبيرة أن نبقى أحياء حتى نعانقك يا رمضان؛ وأن نعيش أيامك ولياليك في رحاب روحانية ليس لها مثيل, وحُقَّ لكل مسلم أن تذرف عيناه دموع الفرحة بمقدمك، بعد أن بعدت الشقة، وحلّت بفرقك المشقة, ولا نُلامُ إذا انهملت الدموع على الخدود, وجادت بأغلى ما لديها.
يا عيوناً أرسلت أدمعها ما بذا بأس لو أرسلت الدما
فما عسانا نقدم لك أيها الضيف العزيز؟! وهل سنوفيك حقك؟!.
والله لو كانت القلوب سليمة لهزّها الشوق للقائك، ولأعددت العدة لاستقبالك.
والله لو لم يكن فيك إلا طرب القلب، والوقوف عند باب الرب، والانطراح بين يدي الخالق, لكفى.
وجاء رمضان بعد عام، لا ليقول للبطون: جوعي، ولكن ليقول للقلوب: استقيمي, وللوجوه: استنيري, وللجوارح: استكيني, وللعيون: بمائك جودي.
وحقٌّ لعين أن تريق دموعها ولا خير في عين بذلك تبخل
جاء رمضان، لا ليعذب الناس, ولكن ليقول: إني شهر الرحمة والمغفرة، والعتق من النار, جاء رمضان ليرسم لنا طريق التقوى، وليغرس الإيمان في قلوبنا، ويبعث النشاط في نفوسنا.
اشرأبت لك يا رمضان أعناق المؤمنين, وطارت إليك أفئدة المخبتين, نستقبلك يا رمضان بقلوب مفعمة بالسرور، والسعادة والحبور, فحللت أهلاً، ووطئت سهلاً، وحياك الله.
مرحبا أهلا وسهلا بالصيام يا حبيباً زارنا في كل عـام
قد لقينـاك بحـب مفعم كل حبّ في سوى المولى حرام
فاقبل اللهم ربي صومنـا ثم زدنـا عطايـاك الجسـام
من منّا لا تؤنسه لحظات العناق؟! ومن منّا لا تسرّه ساعات اللقاء؟! بدموع الفرحة نستقبلك يا شهر الرحمة.
بكت عيني اليسرى فلما زجرتها عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معًا
إنّ من عرف مكانتك وأنزلك منزلتك، جدير به أن يعمر أيامك ولياليك، وأن يتقي الله فيك, فأنت فرصة لمحبيك, وغنيمة لصائميك, ومكسب لقائميك.
يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنّ من صامك وقامك إيماناً واحتساباً " غُفرَ له ما تقدم من ذنبه ". متفق عليه.
فهنيئا لمن صامك وقامك على الوجه المطلوب, فهو الفائز بالغفران, والداخل من باب الريان في جنات الرضوان, ويا خسارة من فرّط في إكرامك، وارتحلت ولم يغفر له بإدراكك, يقول عليه الصلاة والسلام: "رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف. قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك رمضان فلم يُغفر له". رواه مسلم وأحمد
حق الرغام، ودسّ الأنف في الركام؛ لكل من حللت ولم يبال بمقدمك, ووفدت ولم يقدر هيبتك, إنك الشهر الذي فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران, وتُصفّد فيه مردة الجانّ.
إنّك شهر الخيرات والبركات, تقال فيك العثرات, وتجاب فيك الدعوات, وتضاعف فيك الحسنات, وتغفر فيك السيئات.
إنّ رمضان مضمار السابقين، وغنيمة الصادقين, فيه تضاعف الأعمال, وتحط الأوزان, وفيه يجاب السؤال، ويغفر للمستغفر ويُقال, فهو ثمرة الدهور، ومصباح الشهور، وربيع المؤمن يقتطف فيه الأجور، وتزين فيه الجنان والقصور، فجد فيه بالطاعات، واهجر الفتور.
إن الواجب عليك أخي المسلم أن تستشعر نعمة إدراكك لهذا الشهر ونعمة العافية فيه, فكم من إنسان ثاوٍ تحت الجنادل والتراب، يتمنى أن يرجع إلي الدنيا ليتعبد الله! وكم من إنسان طريح الفراش يتمنى الصيام! وكم من إنسانٍ مقعد يتمنى القيام!.
وإننا بحاجة إلي معرفة معنى الصيام وآدابه، وماذا علينا فعله فيه, ولا نكتفي بأن نهنئ بعضنا لقدومه، ونظهر حزننا عند وداعه, إننا نريد أن نجعل من رمضان صفحة جديدة بيضاء، نسطر فيها الولاء لله، والتذلل بين يديه والافتقار إليه, إننا نريد أن تسمو أرواحنا في رمضان، ويسودها الفأل والأمل بموعود الله, فتغلّب على الشيطان، والنفس، والهوى، والدنيا, ونجعل هذه الحياة الدنيوية في أيدينا، لا في قلوبنا, وأن نتجه إلي الله بأفئدتنا وأرواحنا.[/size][/color]