تضارب فى الإعلام الأمريكى بشأن رحيل مبارك
السبت، 5 فبراير 2011 - 01:01
الرئيس مبارك
كتبت إنجى مجدى ورباب فتحى
شهدت معالجات الصحف الأمريكية الجمعة تضاربا فى الآراء حول موقف
الإدارة الأمريكية من رحيل الرئيس مبارك الآن وإصرار المتظاهرين بميدان
التحرير على الرحيل الفورى.
وحذر إدوارد لوتواك فى مقاله بصحيفة وول ستريت جورنال مشددا على أن خروج
مبارك المبكر عن السلطة يمثل مخاطرة كبيرة جدا خاصة أن جماعة الإخوان
المسلمين، حيث تعد حركة حماس المسيطرة على قطاع غزة فرعا منها، تنتظر خلف
المشهد.
مغادرة مبارك ستؤدى بمصر إما إلى الفوضى أو الحكم الإسلامى
ويرى الكاتب، الذى يعمل مستشارا بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، أن
مغادرة مبارك للحكم الآن ستؤدى إلى مصر فوضوية أو إسلامية وقد يخرج
ديكتاتور جديد، فكما يفكر الإسلاميين من المغرب إلى الهند فإن الإسلام يرفض
التشريعات الديمقراطية التى قد تتعارض مع مبادئ الشريعة.
ويدعو الكاتب كلا من الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الغربية للتريث،
فالأمر لن يستغرق ما لا يقل عن 8 أشهر لتنظيم إنتخابات جيدة، لذا فإن
الانتظار حتى سبتمبر المقبل سيكون أكثر فائدة للأحزاب من الإخوان المسلمين،
إذ هذه الفترة من شأنها أن تسمح للأحزاب بتنظيم وإعادة ترتيب منهجها.
أوروبا الخاسر الأكبر للإطاحة بمبارك
ويشير لوتواك إلى أن أوروبا سيكون أكثر من يعانى من عواقب الإطاحة بالرئيس
مبارك خاصة إذا ما حل بدلا منه الإخوان أو الفوضى، وبصرف النظر عن الصادرات
التى تخسرها البلدان الأوروبية جراء تعطيل صادرتها لمصر مصر، فإنها ستخصر
الكثير من الإستثمارات المحلية، علاوة على الهجرة غير الشرعية التى ستغزو
بقوة الحدود والسواحل الأوروبية.
وبالنسبة لإسرائيل فمن المرجح أن تفقد حليفا فى مصر، لكن من الناحية
الأمنية فإنه من الغير المحتمل أن تواجه تهديدا عسكريا على المدى القريب،
إذ أن االجيش المصرى لا يمكن أن يخوض حرب دون إمدادات الولايات المتحدة.
فالقوات المصرية تحتاج 20 مليار دولار وعشر سنوات لإعادة بناء نفسه دون
أسلحة أمريكية.
الجيش المصرى قادر على قيادة البلاد نحو الديمقراطية
ومن جانبه وضع الكاتب الأمريكى، جلين كيسلر، ثلاثة سيناريوهات للوضع فى مصر
بعد الرئيس مبارك، وقال فى مقاله بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إنه مع
تفاقم الأزمة السياسة فى مصر وتحول دفتها نحو العنف والمجهول، لجأ المحللون
إلى التاريخ للعثور على إيجابات شافية لتساؤلات مثل هل ستتمكن حركة
إسلامية ما أو رجل استبدادى أو كلاهما من الخروج للسيطرة على الموقف، مثلما
حدث بعد الثورة الإسلامية عام 1979؟، أم هل سيتمكن العلمانيون بمساعدة
الجيش من إتمام عملية الانتقال الفوضوية والزج بها نحو الديمقراطية مثلما
حدث فى إندونيسيا عام 1998؟، أم هل سيكون الوضع عالقا فى منتصف هذين
الخيارين، مثلما نتج مبدأيا عن الثورة الرومانية عام 1989؟.
وأجاب الكاتب قائلا إن النتيجة النهائية لا يمكن التوصل إليها قبل أسابيع
حتى فى عصر التكنولوجيا وتوتير، ويذكر أن شاه إيران استغرق أربعة أشهر لترك
دولته بعدما أطلق النار على المتظاهرين الأمر الذى أدى إلى اندلاع ثورة
جماعية، ولكن فى مصر، لا يمكن التحرك نحو الديمقراطية قبل إحلال بعض
التغيرات الجذرية فى القانون والدستور، ورغم أن الانتخابات الرئاسية مقرر
إجراؤها فى سبتمبر المقبل، إلا أن المسألة تحتاج إلى عملية دقيقة من
الإصلاح لضمان نقل السلطة نحو الديمقراطية.
وأشار كيسلر إلى أنه من بين التغيرات الرئيسية اللازمة تغيير المادة 76 من
الدستور، والتى تفرض متطلبات مرهقة التى تحول دون ترشح مرشحى المعارضة
للرئاسة، بالإضافة إلى رفع قانون الطوارئ الذى يخول أجهزة الأمن للاعتقال
دون توجيه التهم إلى أى شخص يعتبر تهديدا للدولة، وإعادة إشراف القضاة على
الانتخابات، والتأكد من أن آليات الدولة (مثل التليفزيون) تخضع لسيطرة أناس
حياديين أكثر من الحزب الحاكم.
هذه الإصلاحات، لن تضمن بالطبع أن النتائج ستصب فى مصلحة الولايات المتحدة
الأمريكية، وبالاستناد إلى التاريخ، هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة ناقشها
العديد من المحللين أولها النتيجة التى تلت الثورة الإيرانية، فشاه إيران
كان مثل الرئيس حسنى مبارك، مرساة لقوة الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط
واحتفظ بالعلاقات مع إسرائيل، وكان تقدميا على الصعيد الاجتماعى مع تبنى
نهج علمانى إلى حد كبير، ولكن عندما أطاحت الثورة بحكمه، استولت زمرة دينية
يقودها آية الله روح الله الخومنيئى على القوة، وعلاوة على ذلك، كانت هذه
النتيجة ضارة للغاية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، لاسيما وأن إيران
باتت من أكبر المؤيدين للمسلحين المعادين لإسرائيل فى المنطقة.
رغم أن المقارنة ليست دقيقة، لأنه لا يوجد زعيم روحى مصرى يعيش فى باريس
بانتظار العودة إلى القاهرة، إلا أن بعض الخبراء يخشون من إمكانية سيطرة
حركة إسلامية على أوصال الانتفاضة، فمثلا الأخوان المسلمين لطالما كانت
محظورة ولكنها موجودة على الساحة السياسية فى مصر.
السيناريو الأندونيسى الأقرب إلى مصر
أما السيناريو الثانى، فيكمن فى التجربة الإندونيسية، التى بدأت بعد نهاية
حكم الرئيس الاستبدادى سوهارتو الذى استمر لمدة 32 عاما. سوهارتو كان حليفا
بارزا للولايات المتحدة وكان البيت الأبيض متخوفا من رحيله، ولكن فى نهاية
المطاف، تمكنت أكبر دولة من حيث عدد المسلمين من نقل السلطة نحو
الديمقراطية وإن كان بعد فترة طويلة، وظلت شريكا رئيسيا لواشنطن.
ويرى توماس كارثورسز، نائب مدير معهد كارنيجى للسلام الدولى أن التجربة
الإندونيسية الأقرب للحدوث فى مصر أكثر من نظيرتها الإيرانية، ولكنه حذر أن
الطريق لتحقيق ذلك سيكون صعبا، وهناك الكثير من أوجه التشابه بين مصر
وإندونيسيا، فكلتا الدولتان تتبنيان نهجا علمانيا، ويتمتعان بجيش قوى رفض
قمع المتظاهرين، وشهدتا ثورة قادها مزيج من الشباب والمجتمع المدنى.
ويقول السيناريو الثالث إن الوضع سيكون شبيها بالثورة التى وقعت فى رومانيا
وأطاحت بحكم ديكتاتور عام 1989، وقتلته، ولكن تمكن الجيش فى غضون أشهر
بمساعدة النخبة العسكرية والشيوعية من الحفاظ على استقرار البلاد، مع
الرئيس المعين، وهو حليف سابق للديكتاتور الراحل فاز بـ85 % من الأصوات فى
انتخابات مايو عام 1990.
وأضاف الكاتب قائلا إن القوات الأمنية فى مصر، والجيش، والحرس الوطنى أقوى
من ذلك بكثير، ويحتمل أن تتمكن النخبة الحاكمة من السيطرة على الوضع أكثر
من المعارضة عن طريق تنحية مبارك وتطبيق بعض الإصلاحات التجميلية التى توهم
بإجراء التغيير، وحينها ستساهم وسائل الإعلام التى تتحكم فيها الدولة فى
إتمام العملية لاسيما وإن الانتخابات سيظل يمكن التلاعب بها لضمان الإبقاء
على هيكل القوى الحالى.
وأشار الكاتب إلى أن ما أنقذ الثورة الرومانية فى نهاية الأمر هو أن الدولة
أردات أن تكون عضوا فى الناتو والاتحاد الأوروبى، لذا طبقت نظاما
ديمقراطيا، ولكن هذه الحوافز ليست متوفرة حاليا فى مصر.
السبت، 5 فبراير 2011 - 01:01
الرئيس مبارك
كتبت إنجى مجدى ورباب فتحى
شهدت معالجات الصحف الأمريكية الجمعة تضاربا فى الآراء حول موقف
الإدارة الأمريكية من رحيل الرئيس مبارك الآن وإصرار المتظاهرين بميدان
التحرير على الرحيل الفورى.
وحذر إدوارد لوتواك فى مقاله بصحيفة وول ستريت جورنال مشددا على أن خروج
مبارك المبكر عن السلطة يمثل مخاطرة كبيرة جدا خاصة أن جماعة الإخوان
المسلمين، حيث تعد حركة حماس المسيطرة على قطاع غزة فرعا منها، تنتظر خلف
المشهد.
مغادرة مبارك ستؤدى بمصر إما إلى الفوضى أو الحكم الإسلامى
ويرى الكاتب، الذى يعمل مستشارا بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، أن
مغادرة مبارك للحكم الآن ستؤدى إلى مصر فوضوية أو إسلامية وقد يخرج
ديكتاتور جديد، فكما يفكر الإسلاميين من المغرب إلى الهند فإن الإسلام يرفض
التشريعات الديمقراطية التى قد تتعارض مع مبادئ الشريعة.
ويدعو الكاتب كلا من الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الغربية للتريث،
فالأمر لن يستغرق ما لا يقل عن 8 أشهر لتنظيم إنتخابات جيدة، لذا فإن
الانتظار حتى سبتمبر المقبل سيكون أكثر فائدة للأحزاب من الإخوان المسلمين،
إذ هذه الفترة من شأنها أن تسمح للأحزاب بتنظيم وإعادة ترتيب منهجها.
أوروبا الخاسر الأكبر للإطاحة بمبارك
ويشير لوتواك إلى أن أوروبا سيكون أكثر من يعانى من عواقب الإطاحة بالرئيس
مبارك خاصة إذا ما حل بدلا منه الإخوان أو الفوضى، وبصرف النظر عن الصادرات
التى تخسرها البلدان الأوروبية جراء تعطيل صادرتها لمصر مصر، فإنها ستخصر
الكثير من الإستثمارات المحلية، علاوة على الهجرة غير الشرعية التى ستغزو
بقوة الحدود والسواحل الأوروبية.
وبالنسبة لإسرائيل فمن المرجح أن تفقد حليفا فى مصر، لكن من الناحية
الأمنية فإنه من الغير المحتمل أن تواجه تهديدا عسكريا على المدى القريب،
إذ أن االجيش المصرى لا يمكن أن يخوض حرب دون إمدادات الولايات المتحدة.
فالقوات المصرية تحتاج 20 مليار دولار وعشر سنوات لإعادة بناء نفسه دون
أسلحة أمريكية.
الجيش المصرى قادر على قيادة البلاد نحو الديمقراطية
ومن جانبه وضع الكاتب الأمريكى، جلين كيسلر، ثلاثة سيناريوهات للوضع فى مصر
بعد الرئيس مبارك، وقال فى مقاله بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إنه مع
تفاقم الأزمة السياسة فى مصر وتحول دفتها نحو العنف والمجهول، لجأ المحللون
إلى التاريخ للعثور على إيجابات شافية لتساؤلات مثل هل ستتمكن حركة
إسلامية ما أو رجل استبدادى أو كلاهما من الخروج للسيطرة على الموقف، مثلما
حدث بعد الثورة الإسلامية عام 1979؟، أم هل سيتمكن العلمانيون بمساعدة
الجيش من إتمام عملية الانتقال الفوضوية والزج بها نحو الديمقراطية مثلما
حدث فى إندونيسيا عام 1998؟، أم هل سيكون الوضع عالقا فى منتصف هذين
الخيارين، مثلما نتج مبدأيا عن الثورة الرومانية عام 1989؟.
وأجاب الكاتب قائلا إن النتيجة النهائية لا يمكن التوصل إليها قبل أسابيع
حتى فى عصر التكنولوجيا وتوتير، ويذكر أن شاه إيران استغرق أربعة أشهر لترك
دولته بعدما أطلق النار على المتظاهرين الأمر الذى أدى إلى اندلاع ثورة
جماعية، ولكن فى مصر، لا يمكن التحرك نحو الديمقراطية قبل إحلال بعض
التغيرات الجذرية فى القانون والدستور، ورغم أن الانتخابات الرئاسية مقرر
إجراؤها فى سبتمبر المقبل، إلا أن المسألة تحتاج إلى عملية دقيقة من
الإصلاح لضمان نقل السلطة نحو الديمقراطية.
وأشار كيسلر إلى أنه من بين التغيرات الرئيسية اللازمة تغيير المادة 76 من
الدستور، والتى تفرض متطلبات مرهقة التى تحول دون ترشح مرشحى المعارضة
للرئاسة، بالإضافة إلى رفع قانون الطوارئ الذى يخول أجهزة الأمن للاعتقال
دون توجيه التهم إلى أى شخص يعتبر تهديدا للدولة، وإعادة إشراف القضاة على
الانتخابات، والتأكد من أن آليات الدولة (مثل التليفزيون) تخضع لسيطرة أناس
حياديين أكثر من الحزب الحاكم.
هذه الإصلاحات، لن تضمن بالطبع أن النتائج ستصب فى مصلحة الولايات المتحدة
الأمريكية، وبالاستناد إلى التاريخ، هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة ناقشها
العديد من المحللين أولها النتيجة التى تلت الثورة الإيرانية، فشاه إيران
كان مثل الرئيس حسنى مبارك، مرساة لقوة الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط
واحتفظ بالعلاقات مع إسرائيل، وكان تقدميا على الصعيد الاجتماعى مع تبنى
نهج علمانى إلى حد كبير، ولكن عندما أطاحت الثورة بحكمه، استولت زمرة دينية
يقودها آية الله روح الله الخومنيئى على القوة، وعلاوة على ذلك، كانت هذه
النتيجة ضارة للغاية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، لاسيما وأن إيران
باتت من أكبر المؤيدين للمسلحين المعادين لإسرائيل فى المنطقة.
رغم أن المقارنة ليست دقيقة، لأنه لا يوجد زعيم روحى مصرى يعيش فى باريس
بانتظار العودة إلى القاهرة، إلا أن بعض الخبراء يخشون من إمكانية سيطرة
حركة إسلامية على أوصال الانتفاضة، فمثلا الأخوان المسلمين لطالما كانت
محظورة ولكنها موجودة على الساحة السياسية فى مصر.
السيناريو الأندونيسى الأقرب إلى مصر
أما السيناريو الثانى، فيكمن فى التجربة الإندونيسية، التى بدأت بعد نهاية
حكم الرئيس الاستبدادى سوهارتو الذى استمر لمدة 32 عاما. سوهارتو كان حليفا
بارزا للولايات المتحدة وكان البيت الأبيض متخوفا من رحيله، ولكن فى نهاية
المطاف، تمكنت أكبر دولة من حيث عدد المسلمين من نقل السلطة نحو
الديمقراطية وإن كان بعد فترة طويلة، وظلت شريكا رئيسيا لواشنطن.
ويرى توماس كارثورسز، نائب مدير معهد كارنيجى للسلام الدولى أن التجربة
الإندونيسية الأقرب للحدوث فى مصر أكثر من نظيرتها الإيرانية، ولكنه حذر أن
الطريق لتحقيق ذلك سيكون صعبا، وهناك الكثير من أوجه التشابه بين مصر
وإندونيسيا، فكلتا الدولتان تتبنيان نهجا علمانيا، ويتمتعان بجيش قوى رفض
قمع المتظاهرين، وشهدتا ثورة قادها مزيج من الشباب والمجتمع المدنى.
ويقول السيناريو الثالث إن الوضع سيكون شبيها بالثورة التى وقعت فى رومانيا
وأطاحت بحكم ديكتاتور عام 1989، وقتلته، ولكن تمكن الجيش فى غضون أشهر
بمساعدة النخبة العسكرية والشيوعية من الحفاظ على استقرار البلاد، مع
الرئيس المعين، وهو حليف سابق للديكتاتور الراحل فاز بـ85 % من الأصوات فى
انتخابات مايو عام 1990.
وأضاف الكاتب قائلا إن القوات الأمنية فى مصر، والجيش، والحرس الوطنى أقوى
من ذلك بكثير، ويحتمل أن تتمكن النخبة الحاكمة من السيطرة على الوضع أكثر
من المعارضة عن طريق تنحية مبارك وتطبيق بعض الإصلاحات التجميلية التى توهم
بإجراء التغيير، وحينها ستساهم وسائل الإعلام التى تتحكم فيها الدولة فى
إتمام العملية لاسيما وإن الانتخابات سيظل يمكن التلاعب بها لضمان الإبقاء
على هيكل القوى الحالى.
وأشار الكاتب إلى أن ما أنقذ الثورة الرومانية فى نهاية الأمر هو أن الدولة
أردات أن تكون عضوا فى الناتو والاتحاد الأوروبى، لذا طبقت نظاما
ديمقراطيا، ولكن هذه الحوافز ليست متوفرة حاليا فى مصر.