الحمد لله الواحدالأحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد،
وأشهد أن لا إلهإلّا الله وحده لا شريك له المحمود على كل حال
وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله،وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، صلوات الله
وسلامه عليه وعلى آله وصحابته والتابعينومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . . .
أما بعد ،،،
أشهد الله أنى أحبكم فى الله
أحكام فقهيه رمضانيه
فلما كان الصيام من دعائم الدين العظيم، وركناً من أركانه الأساسية التي بني عليها
ولما للصيام من أحكاممهمة، قد تخفى على كثير من العامة وغير العامة، فقد كتبت جملة
من الأحكام التي قدلا يستغني عنها مسلم حريص على طلب العلم الشرعي، فهي من المكانة بمكان
لا سيما فيعصر وزمان قل فيه القراء، وكثر فيه أهل المشاهدة، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم
وهناك أحكام فقهية مهمة تتعلق بالإمساك والإفطار يجب على المسلم التنبهلها، ومن هذه الأحكام ما يلي :
1 - الأكل والشرب والجماع عند طلوع الفجر :
من فعل أحد المفطرات السابقة وأثناءقيامه بالمفطر سمع الأذان فيجب عليه أن يتوقف عن ذلك
إذا تيقن أنّ المؤذن يؤذن بعدطلوع الفجر، وإلّا فعليه القضاء.
والشك وغلبه الظن كثيراً ما تقع عند النّاس شكّاً منهم وظناً أنّ الفجر طلع أم لم يطلع،
فعلى ذلك من تناول مفطراً مع الشك فيطلوع الفجر فله ثلاث حالات :
الأولى: أن يأكل شاكاً في طلوع الفجر ثم لايتبين له طلوع الفجر :
فذهب جمهورالعلماء أنّ صومه صحيح ولا قضاء عليه، لقوله تعالى :
{وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}
[البقرة:187]،
ولأنّ الأصل بقاءالليل، والآية دالة على أنّ وقت الصيام لا يدخل إلّا بتبين طلوع الفجر
ولو دخلالوقت بالشك لحرم عليه الأكل.
وعلى ذلك فيباح للإنسان أن يباشر المفطرات مع الشك في طلوع الفجر بلا كراهة
لعدم الدليل على الكراهة.
الثانية : أن يأكل شاكاً في طلوع الفجر ثم يتبين له عدم طلوع الفجر :
فقد اتفق العلماء على أنّ من أكل أو شرب شاكاً في طلوع الفجر ثم تبين له عدم طلوع الفجر
فصومه صحيح، لأنّ الأكل والشرب لم يصادفا وقت الصيام
وإنّما صادفا وقت الإفطار.
الثالثة : أن يأكل شاكاً في طلوع الفجر ثميتبين له طلوع الفجر :
فذهب جمهورالعلماء على وجوب القضاء عليه لتبين خطؤه
وسداً لذريعة التساهل واحتياطاً للصوم،والمشروع للمؤمن أن يتناول سحوره قبل وقت الشك
احتياطاً لدينه وحرصاً على كمال صيامه.
ومن جامع وأثناء الجماع سمع الآذان ثم نزع فوراً فالصحيح أنّه لا قضاءعليه ولا كفارة
وهذا هو القول الصحيح والراجح وهو قول الجمهور ومنهم الأئمةالثلاثة أبي حنيفة والشافعي ومالك
إلّا أنّ المشهور من مذهب الإمام أحمد أنّ عليهالقضاء والكفارة لأنّ النزع عنده يعد جماعاً.
والصحيح أنّه لا قضاء عليه ولاكفارة لأنّ الجماع حصل في وقت الإباحة وهو الليل
والأصل بقاء الليل، فلما سمعالآذان نزع فوراً وأمسك من فوره وفي لحظته
وهو كمن يأكل أو يشرب ثم سمع النداءفتوقف فذاك كذلك
والعلم عند الله .
2- الأكل والشرب شاكاً في غروب الشمس :
يحدث هذا كثيراً عندما يكون الجوّغائماً، فقد يتضح للصائم صحو الجو بعد ذلك أو ظلامه.
والحاصل أنّ من أكل أو شربشاكاً في غروب الشمس فلا يخلوا الأمر من هذه الحالات :
الأولى : أن يأكل شاكاً في غروب الشمس ولم يتبين له شيء :
فعليه القضاء مع الإثم باتفاق الأئمة،لأنّه لم يتحقق من غروب الشمس، ولم يكلف نفسه الحرص على ذلك
فكأنّه كالمستهتر،وعدم المبالي بذلك، وكان الواجب عليه ألّا يأكل أو يشرب حتى يتحقق من غروب الشمس.
الثانية : أن يأكل شاكاً في غروب الشمس ثم يتبين له عدم الغروب :
فيلزمه القضاء مع الإثم باتفاق الأئمة،لأنّه لم يتحرى غروب الشمس.
الثالثة: أن يأكل شاكاً في غروب الشمس ثمتبين له غروبها :
فصومه صحيح باتفاقالأئمة مع الإثم.
وصومه صحيح لأنّه أكل بعد إتمام الصيام المأمور به.
وعليهالإثم لتفريطه في تحري غروب الشمس وتساهله في ذلك.
3 - الأكل والشرب ظاناً غروب الشمس :
فلايخلوا الأمر من حالات ثلاث :
الأولى : أن يأكل ظاناً غروب الشمس ثم تبينله عدم غروبها :
فعند الجمهور يجب عليهالقضاء
وهو الصحيح لما روى البخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت :
" أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غيم ثم طلعت الشمس.
قيل لهشام : فأمروا بالقضاء . قال : لا بد من القضاء ، وقال معمر :
سمعت هشاماً يقول : لاأدري أقضوا أم لا ".
وقال ابن حجر رحمه الله : " لو غُمّ هلال رمضان فأصبحوا مفطرين ثم تبينأنّ ذلك اليوم
من رمضان، فالقضاء واجب بالإتفاق، فكذلك هذا يعني اليوم الذي أفطرفيه الصائم ظاناً
غروب الشمس ثم تبين طلوعها فعليه القضاء ".
( فتح الباري 4 / 255 ).
وعن بشر بن قيس قال : " كناّ عند عمر بن الخطاب في عشية في رمضان
وكان يوم غيم، فجاءنا بسويق فشرب، وقال لي : اشرب فشربت، فأبصرنا بعد ذلك الشمس،فقال عمر :
لا والله ما نبالي نقضي يوماً مكانه ".
( معرفة السنن والآثار 6 / 259 ).
وعن صهيب أنّه قال في مثل ذلك : " طعمة الله، أتموا صيامكم إلى الليل، واقضوايوماً مكانه ".
وعن ابن عباس ومعاوية أنّه يقضي يوماً مكانه.
وعن خالد بن أسلم أن عمر بن الخطاب أفطر في رمضان في يومٍ ذي غيم
ورأى أنّه قد أمسىوغابت الشمس، فجاءه رجلفقال :يا أمير المؤمنين قد طلعت الشمس،فقال عمر :
الخطب يسير، وقد اجتهدنا.
قال الشافعي: " يعني قضاء يومٍ مكانه ". وأفتى بذلك أيضاً سماحة الشيخ العلامة
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله في شرحه على بلوغ المرام.
وقال مالك رحمه الله : " يريد بقوله ( الخطب يسير ) أي القضاء في مانرى والله أعلم ".
قال الباجي : " قوله ( أفطر ذات يوم في رمضان في يوم غيمورأى أنّه قد أمسى وغابت الشمس )
يريد أنّه قد اجتهد في الوقت اجتهاداً، غلب على ظنه مغيب الشمس
وهذا الذي يلزم الصائم في يوم الغيم أنّ يجتهد فيه ، فأمّا إذا لم يغلب على ظنه أنّ الشمس
قد غابت لم يجز له الفطر، فإن أفطر مع الشك فعليه القضاءوالكفارة -
ويقصد بذلك كفارة الجماع لمن جامع - لأنّه قد دخل في الصوم ولزمه الإمساك وحرم
عليه الأكل إلّا بالاجتهاد وتيقن مغيب الشمس، فإذا غلب على ظنه أنّالشمس قد غابت
حل له الفطر وهكذا حكم الصلاة وسائر العبادات.
إذا خفيت علامات أوقاتها، قام الاجتهاد في ذلك مقام المعرفة بدخول الوقت في جواز الفعل . .
وقال : وقول عمر ( الخطب يسير وقد اجتهدنا ) يحتمل أنّه يريد بذلك ما قال مالك بأنّ الخطب
: القضاء، ويسير في ذلك : إذ قد سقط عنهم الإثم بالاجتهاد، وقد روي عن عمر أنّه أمربالقضاء -
وروي عنه أيضاً أنّه لم يقض ولم يأمر بالقضاء، ولكن الأمر بالقضاء أقوىوأبرأ للذمة واحتياطاً لصحة الصوم ".
( المنتقى شرح موطأ مالك 3 / 65 _ 66 ).
وقال ابن عبدالبر :
" اختلفت الروايات عن عمر في القضاء، وروايةالقضاء أولى بالصائم إن شاء الله ".
( الاستذكار 3 ـ 344 ).
وعن ابن جريج قال :
" قلت لعطاء :أفطرت في يوم مغيم في شهر رمضان وأنا أحسبهأول الليل،
ثم بدت الشمس فقال :اقض ذلك اليوم ".
وقال مجاهد :
" إذا أفطر الرجل في رمضان ثم بدت الشمس فعليهأن يقضيه، وإن أكل في الصبح وهو يرى أنّه الليل لم يقضه ".
وقال سعيد بن جبير : " يتمه ويقضي يوماً مكانه وإنأكل وهو يرى أنّ عليه ليلاً فإذا هو قد أصبح فعليه القضاء ".
( مصنف عبدالرزاق 4 / 177 ).
الثانية : إذا أكل ظاناً غروب الشمس ثم تبينله غروبها :
فصيامه صحيح لأنّه أتم صومه. لأنّه بنى على يقين وغلبة ظن، فصح صومه لاجتهاده في تحري غروب الشمس
وعدمتساهله، أو تفريطه في ذلك، بل في غاية الإهتمام بالصيام وتحري الغروب.
الثالثة : إذا أكل ظاناً غروب الشمس ولم يتبين له شيء :
فصيامه صحيح عند جمهور العلماء.
فوائد مهمة :
1- من سمع الآذان فأفطر ثم تبين له أنّ الشمس لم تغرب
فعليه القضاء لتساهله في تحري الغروب. ويحدث هذا كثيراً عندمايسمع الصائم صوت المذياع أو التلفاز
أو خطأ أحد المؤذنين في الأذان، أو تلاعب الأطفال بمكبرات الصوت الخاصة بالمساجد،
أو تقليدهم للأذان، فكل ذلك وغيره قد يجعل الصائم يستعجل في الإفطار مما يوقعه في حرج بعد ذلك
من حيث القضاء والإثم، لأنّه لميتحقق من غروب الشمس وإنّما اعتمد على غيره في ذلك،
وهذه خطأ فلابد للصائم أن يتحققمن غروب الشمس حتى يفطر على بينة،
وصحيح إذا كان المؤذن يؤذن على الوقت بعد تحريالغروب، وعُرفت عدالته وصدقه وتحريه الوقت
فيجوز للنّاس الصوم والفطر بأذانه، لكن لو تبين خطؤه وأذن قبل الوقت لزم الجميع القضاء.
2- إذا قامت البينة في دخول شهر رمضان أثناء النّهار
مثل أن يكون الذي رآه في مكان بعيد وحضر إلى القاضي في النّهار وشهد برؤية الهلال
وجب على النّاس الإمساك والقضاء براءة للذمة أمّادليل الإمساك فهو حديث سلمة بن الأكوع
رضي الله عنه قال : «أمر النبي صلىالله عليه وسلم رجلاً من أسلم أن أذن في النّاس أنّ
من أكل فليصم بقية يومه، ومن لميكن أكل فليصم فإنّ اليوم يوم عاشوراء»
[ أخرجهالبخاري ومسلم ].
وأمّا القضاء فإنّه يلزم، لأنّ من شرط صيام الفرض أن ينوي قبل الفجر
لأنّه إذا لم ينو في أثناء اليوم صار الصائم صائماً نصف اليوم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
: «إنّما الأعمال بالنيات»
[ متفق عليه ].
فمن صام نصف اليوم لا يجزئه ذلك وعليه القضاء لهذه العلة،
وأيضاً كون الإنسان يقضي يوماً ويبرئذمته عن يقين خيراً من كونه يأخذ بأي قول آخر يخالف ذلك.
3- الحائض والنفساءإذا طهرتا أثناء النّهار وجب عليهما القضاء
ولا يجب عليهما الإمساك ذلك اليوملأنّهما ليستا من أهل الوجوب في ذلك اليوم
ولعدم توفر النية من أول النّهار، ولأنّذلك اليوم غير محترم في حقهما، ومعلوم
أنّه لا يصح منهما الصيام ولا يجب، فإن صامتافسد صيام ذلك اليوم، واستحقتا
الإثم بذلك لأنّهما ارتكبتا أمراً محرماً وهو الصومأثناء الحيض والنفاس.
4- المسافر إذا قدم إلى بلده نهاراً
يلزمه القضاء دونالإمساك، لأنّه لم ينوي الصوم من أول النّهار ولو نوى الصوم قبل الفجر ثم وصل إلىبلده فصيامه صحيح.
5- إذا برئ المريض وهو مفطر أثناء النّهار
وجب عليهالقضاء دون الإمساك
وأشهد أن لا إلهإلّا الله وحده لا شريك له المحمود على كل حال
وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله،وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، صلوات الله
وسلامه عليه وعلى آله وصحابته والتابعينومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . . .
أما بعد ،،،
أشهد الله أنى أحبكم فى الله
أحكام فقهيه رمضانيه
فلما كان الصيام من دعائم الدين العظيم، وركناً من أركانه الأساسية التي بني عليها
ولما للصيام من أحكاممهمة، قد تخفى على كثير من العامة وغير العامة، فقد كتبت جملة
من الأحكام التي قدلا يستغني عنها مسلم حريص على طلب العلم الشرعي، فهي من المكانة بمكان
لا سيما فيعصر وزمان قل فيه القراء، وكثر فيه أهل المشاهدة، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم
وهناك أحكام فقهية مهمة تتعلق بالإمساك والإفطار يجب على المسلم التنبهلها، ومن هذه الأحكام ما يلي :
1 - الأكل والشرب والجماع عند طلوع الفجر :
من فعل أحد المفطرات السابقة وأثناءقيامه بالمفطر سمع الأذان فيجب عليه أن يتوقف عن ذلك
إذا تيقن أنّ المؤذن يؤذن بعدطلوع الفجر، وإلّا فعليه القضاء.
والشك وغلبه الظن كثيراً ما تقع عند النّاس شكّاً منهم وظناً أنّ الفجر طلع أم لم يطلع،
فعلى ذلك من تناول مفطراً مع الشك فيطلوع الفجر فله ثلاث حالات :
الأولى: أن يأكل شاكاً في طلوع الفجر ثم لايتبين له طلوع الفجر :
فذهب جمهورالعلماء أنّ صومه صحيح ولا قضاء عليه، لقوله تعالى :
{وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}
[البقرة:187]،
ولأنّ الأصل بقاءالليل، والآية دالة على أنّ وقت الصيام لا يدخل إلّا بتبين طلوع الفجر
ولو دخلالوقت بالشك لحرم عليه الأكل.
وعلى ذلك فيباح للإنسان أن يباشر المفطرات مع الشك في طلوع الفجر بلا كراهة
لعدم الدليل على الكراهة.
الثانية : أن يأكل شاكاً في طلوع الفجر ثم يتبين له عدم طلوع الفجر :
فقد اتفق العلماء على أنّ من أكل أو شرب شاكاً في طلوع الفجر ثم تبين له عدم طلوع الفجر
فصومه صحيح، لأنّ الأكل والشرب لم يصادفا وقت الصيام
وإنّما صادفا وقت الإفطار.
الثالثة : أن يأكل شاكاً في طلوع الفجر ثميتبين له طلوع الفجر :
فذهب جمهورالعلماء على وجوب القضاء عليه لتبين خطؤه
وسداً لذريعة التساهل واحتياطاً للصوم،والمشروع للمؤمن أن يتناول سحوره قبل وقت الشك
احتياطاً لدينه وحرصاً على كمال صيامه.
ومن جامع وأثناء الجماع سمع الآذان ثم نزع فوراً فالصحيح أنّه لا قضاءعليه ولا كفارة
وهذا هو القول الصحيح والراجح وهو قول الجمهور ومنهم الأئمةالثلاثة أبي حنيفة والشافعي ومالك
إلّا أنّ المشهور من مذهب الإمام أحمد أنّ عليهالقضاء والكفارة لأنّ النزع عنده يعد جماعاً.
والصحيح أنّه لا قضاء عليه ولاكفارة لأنّ الجماع حصل في وقت الإباحة وهو الليل
والأصل بقاء الليل، فلما سمعالآذان نزع فوراً وأمسك من فوره وفي لحظته
وهو كمن يأكل أو يشرب ثم سمع النداءفتوقف فذاك كذلك
والعلم عند الله .
2- الأكل والشرب شاكاً في غروب الشمس :
يحدث هذا كثيراً عندما يكون الجوّغائماً، فقد يتضح للصائم صحو الجو بعد ذلك أو ظلامه.
والحاصل أنّ من أكل أو شربشاكاً في غروب الشمس فلا يخلوا الأمر من هذه الحالات :
الأولى : أن يأكل شاكاً في غروب الشمس ولم يتبين له شيء :
فعليه القضاء مع الإثم باتفاق الأئمة،لأنّه لم يتحقق من غروب الشمس، ولم يكلف نفسه الحرص على ذلك
فكأنّه كالمستهتر،وعدم المبالي بذلك، وكان الواجب عليه ألّا يأكل أو يشرب حتى يتحقق من غروب الشمس.
الثانية : أن يأكل شاكاً في غروب الشمس ثم يتبين له عدم الغروب :
فيلزمه القضاء مع الإثم باتفاق الأئمة،لأنّه لم يتحرى غروب الشمس.
الثالثة: أن يأكل شاكاً في غروب الشمس ثمتبين له غروبها :
فصومه صحيح باتفاقالأئمة مع الإثم.
وصومه صحيح لأنّه أكل بعد إتمام الصيام المأمور به.
وعليهالإثم لتفريطه في تحري غروب الشمس وتساهله في ذلك.
3 - الأكل والشرب ظاناً غروب الشمس :
فلايخلوا الأمر من حالات ثلاث :
الأولى : أن يأكل ظاناً غروب الشمس ثم تبينله عدم غروبها :
فعند الجمهور يجب عليهالقضاء
وهو الصحيح لما روى البخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت :
" أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غيم ثم طلعت الشمس.
قيل لهشام : فأمروا بالقضاء . قال : لا بد من القضاء ، وقال معمر :
سمعت هشاماً يقول : لاأدري أقضوا أم لا ".
وقال ابن حجر رحمه الله : " لو غُمّ هلال رمضان فأصبحوا مفطرين ثم تبينأنّ ذلك اليوم
من رمضان، فالقضاء واجب بالإتفاق، فكذلك هذا يعني اليوم الذي أفطرفيه الصائم ظاناً
غروب الشمس ثم تبين طلوعها فعليه القضاء ".
( فتح الباري 4 / 255 ).
وعن بشر بن قيس قال : " كناّ عند عمر بن الخطاب في عشية في رمضان
وكان يوم غيم، فجاءنا بسويق فشرب، وقال لي : اشرب فشربت، فأبصرنا بعد ذلك الشمس،فقال عمر :
لا والله ما نبالي نقضي يوماً مكانه ".
( معرفة السنن والآثار 6 / 259 ).
وعن صهيب أنّه قال في مثل ذلك : " طعمة الله، أتموا صيامكم إلى الليل، واقضوايوماً مكانه ".
وعن ابن عباس ومعاوية أنّه يقضي يوماً مكانه.
وعن خالد بن أسلم أن عمر بن الخطاب أفطر في رمضان في يومٍ ذي غيم
ورأى أنّه قد أمسىوغابت الشمس، فجاءه رجلفقال :يا أمير المؤمنين قد طلعت الشمس،فقال عمر :
الخطب يسير، وقد اجتهدنا.
قال الشافعي: " يعني قضاء يومٍ مكانه ". وأفتى بذلك أيضاً سماحة الشيخ العلامة
عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله في شرحه على بلوغ المرام.
وقال مالك رحمه الله : " يريد بقوله ( الخطب يسير ) أي القضاء في مانرى والله أعلم ".
قال الباجي : " قوله ( أفطر ذات يوم في رمضان في يوم غيمورأى أنّه قد أمسى وغابت الشمس )
يريد أنّه قد اجتهد في الوقت اجتهاداً، غلب على ظنه مغيب الشمس
وهذا الذي يلزم الصائم في يوم الغيم أنّ يجتهد فيه ، فأمّا إذا لم يغلب على ظنه أنّ الشمس
قد غابت لم يجز له الفطر، فإن أفطر مع الشك فعليه القضاءوالكفارة -
ويقصد بذلك كفارة الجماع لمن جامع - لأنّه قد دخل في الصوم ولزمه الإمساك وحرم
عليه الأكل إلّا بالاجتهاد وتيقن مغيب الشمس، فإذا غلب على ظنه أنّالشمس قد غابت
حل له الفطر وهكذا حكم الصلاة وسائر العبادات.
إذا خفيت علامات أوقاتها، قام الاجتهاد في ذلك مقام المعرفة بدخول الوقت في جواز الفعل . .
وقال : وقول عمر ( الخطب يسير وقد اجتهدنا ) يحتمل أنّه يريد بذلك ما قال مالك بأنّ الخطب
: القضاء، ويسير في ذلك : إذ قد سقط عنهم الإثم بالاجتهاد، وقد روي عن عمر أنّه أمربالقضاء -
وروي عنه أيضاً أنّه لم يقض ولم يأمر بالقضاء، ولكن الأمر بالقضاء أقوىوأبرأ للذمة واحتياطاً لصحة الصوم ".
( المنتقى شرح موطأ مالك 3 / 65 _ 66 ).
وقال ابن عبدالبر :
" اختلفت الروايات عن عمر في القضاء، وروايةالقضاء أولى بالصائم إن شاء الله ".
( الاستذكار 3 ـ 344 ).
وعن ابن جريج قال :
" قلت لعطاء :أفطرت في يوم مغيم في شهر رمضان وأنا أحسبهأول الليل،
ثم بدت الشمس فقال :اقض ذلك اليوم ".
وقال مجاهد :
" إذا أفطر الرجل في رمضان ثم بدت الشمس فعليهأن يقضيه، وإن أكل في الصبح وهو يرى أنّه الليل لم يقضه ".
وقال سعيد بن جبير : " يتمه ويقضي يوماً مكانه وإنأكل وهو يرى أنّ عليه ليلاً فإذا هو قد أصبح فعليه القضاء ".
( مصنف عبدالرزاق 4 / 177 ).
الثانية : إذا أكل ظاناً غروب الشمس ثم تبينله غروبها :
فصيامه صحيح لأنّه أتم صومه. لأنّه بنى على يقين وغلبة ظن، فصح صومه لاجتهاده في تحري غروب الشمس
وعدمتساهله، أو تفريطه في ذلك، بل في غاية الإهتمام بالصيام وتحري الغروب.
الثالثة : إذا أكل ظاناً غروب الشمس ولم يتبين له شيء :
فصيامه صحيح عند جمهور العلماء.
فوائد مهمة :
1- من سمع الآذان فأفطر ثم تبين له أنّ الشمس لم تغرب
فعليه القضاء لتساهله في تحري الغروب. ويحدث هذا كثيراً عندمايسمع الصائم صوت المذياع أو التلفاز
أو خطأ أحد المؤذنين في الأذان، أو تلاعب الأطفال بمكبرات الصوت الخاصة بالمساجد،
أو تقليدهم للأذان، فكل ذلك وغيره قد يجعل الصائم يستعجل في الإفطار مما يوقعه في حرج بعد ذلك
من حيث القضاء والإثم، لأنّه لميتحقق من غروب الشمس وإنّما اعتمد على غيره في ذلك،
وهذه خطأ فلابد للصائم أن يتحققمن غروب الشمس حتى يفطر على بينة،
وصحيح إذا كان المؤذن يؤذن على الوقت بعد تحريالغروب، وعُرفت عدالته وصدقه وتحريه الوقت
فيجوز للنّاس الصوم والفطر بأذانه، لكن لو تبين خطؤه وأذن قبل الوقت لزم الجميع القضاء.
2- إذا قامت البينة في دخول شهر رمضان أثناء النّهار
مثل أن يكون الذي رآه في مكان بعيد وحضر إلى القاضي في النّهار وشهد برؤية الهلال
وجب على النّاس الإمساك والقضاء براءة للذمة أمّادليل الإمساك فهو حديث سلمة بن الأكوع
رضي الله عنه قال : «أمر النبي صلىالله عليه وسلم رجلاً من أسلم أن أذن في النّاس أنّ
من أكل فليصم بقية يومه، ومن لميكن أكل فليصم فإنّ اليوم يوم عاشوراء»
[ أخرجهالبخاري ومسلم ].
وأمّا القضاء فإنّه يلزم، لأنّ من شرط صيام الفرض أن ينوي قبل الفجر
لأنّه إذا لم ينو في أثناء اليوم صار الصائم صائماً نصف اليوم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
: «إنّما الأعمال بالنيات»
[ متفق عليه ].
فمن صام نصف اليوم لا يجزئه ذلك وعليه القضاء لهذه العلة،
وأيضاً كون الإنسان يقضي يوماً ويبرئذمته عن يقين خيراً من كونه يأخذ بأي قول آخر يخالف ذلك.
3- الحائض والنفساءإذا طهرتا أثناء النّهار وجب عليهما القضاء
ولا يجب عليهما الإمساك ذلك اليوملأنّهما ليستا من أهل الوجوب في ذلك اليوم
ولعدم توفر النية من أول النّهار، ولأنّذلك اليوم غير محترم في حقهما، ومعلوم
أنّه لا يصح منهما الصيام ولا يجب، فإن صامتافسد صيام ذلك اليوم، واستحقتا
الإثم بذلك لأنّهما ارتكبتا أمراً محرماً وهو الصومأثناء الحيض والنفاس.
4- المسافر إذا قدم إلى بلده نهاراً
يلزمه القضاء دونالإمساك، لأنّه لم ينوي الصوم من أول النّهار ولو نوى الصوم قبل الفجر ثم وصل إلىبلده فصيامه صحيح.
5- إذا برئ المريض وهو مفطر أثناء النّهار
وجب عليهالقضاء دون الإمساك