[color=blue][size=18]
من ترك شيئاً لله
إن المؤمن لا يترك محبوباً له إلا لما هو أعظم عند الله منه، ولما علم المؤمن أن رضا الله في الصيام بترك شهواته المجبول على محبتها قَدَّم رضا مولاه على هواه فتركها أشد ما يكون شوقاً إليها؛ لأن لذته وراحة نفسه في ترك ذلك لله -عز وجل-، ولذلك كان كثير من المؤمنين لو ضُرِب أو حُبِس على أن يفطر يوماً من رمضان بدون عذر لم يُفْطِر، وهذه حكمة من أبلغ حكم الصيام وأعظمها.
وإن الصيام ليغير في خلق صاحبه في قلبه فقلب الصائم يتخلى للفكر والذكر والرقة والخشوع,لأن تناول الشهوات كما هو معلوم يستوجب الغفلة، وربما يُقَسِّي القلب ويُعْمِي عن الحق، ولذلك أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى التخفيف من الطعام والشراب، فقال -صلى الله عليه وسلم-:«مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ».
والصائم الغني الذي وهبه الله نعمة المال فهو قد تعود طوال العام على الرفاهية في المطعم والمشرب والملبس والمسكن فنسي أو غفل عن الفقراء والبائسين, فلما صام تغير سلوكه وظهرت أحاسيسه تجاه غيره,فعرف بذلك قدر نعمة الله عليه بالغنى حيث أنعم الله تعالى عليه بالطعام والشراب والنكاح، وقد حُرِمَها كثير من الخلق فيحمد الله على هذه النعمة ويشكره على هذا التيسير, ويذكر بذلك أخاه الفقير الذي ربما يبيت طاوياً جائعاً فيجود عليه بالصدقة يكسو بها عورته, ويسد بها جوعته, ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيُدارِسه القرآن -كما ثبت ذلك في الصحيح.إن الصائم الحق يتأثر سلوكه بالصيام في تعامله مع من حوله فالصيام يمَرِّن على ضبط النفس,والسيطرة عليها,والقوة على الإمساك بزمامها حتى يتمكن من التحكم فيها ويقودها إلى ما فيه خيرها وسعادتها، فإن النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي، فإذا أطلق المرء لنفسه عنانها أوقعته في المهالك، وإذا ملك أمرها وسيطر عليها تمكن من قيادتها إلى أعلى المراتب وأسنى المطالب.
وهذا لا يتحقق إلا لمن صام صوماً شرعيا مستشعراً عبادة ربه بذلك, منتظراً الثواب منه سبحانه, صامت بطنه وفرجه ولسانه وجميع جوارحه, وإلا فهو معرض لوساوس الشيطان ونزغاته، فيرتكب أخطاء قد تزهق صومه فضلاً عن أنه لا يستفيد منه ولا تزكو أخلاقه بصومه، وهذا لمن اتخذ الصيام مجرد عادة يصوم إذا صام الناس ويفطر إذا أفطروا، ولم يدخل مدرسة الصيام دخولاً إيمانياً، أو هو يفسر الصوم بأنه مجرد إمساك عن المفطرات، فيطلق لسانه وبصره فيما حرم الله ومنع نفسه ما كان أصله مباحاً له من المطعم والمشرب والمنكح مدعياً أنه صائم, فهذا لا حاجة لله في أن يدع طعامه وشرابه وقد عاش بعيداً عن الصيام الذي يتعلم منه أموراً كثيرة وعظيمة تنفعه في دينه ودنياه.
قال عليه -الصلاة والسلام-: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَ[/size][/color]
من ترك شيئاً لله
إن المؤمن لا يترك محبوباً له إلا لما هو أعظم عند الله منه، ولما علم المؤمن أن رضا الله في الصيام بترك شهواته المجبول على محبتها قَدَّم رضا مولاه على هواه فتركها أشد ما يكون شوقاً إليها؛ لأن لذته وراحة نفسه في ترك ذلك لله -عز وجل-، ولذلك كان كثير من المؤمنين لو ضُرِب أو حُبِس على أن يفطر يوماً من رمضان بدون عذر لم يُفْطِر، وهذه حكمة من أبلغ حكم الصيام وأعظمها.
وإن الصيام ليغير في خلق صاحبه في قلبه فقلب الصائم يتخلى للفكر والذكر والرقة والخشوع,لأن تناول الشهوات كما هو معلوم يستوجب الغفلة، وربما يُقَسِّي القلب ويُعْمِي عن الحق، ولذلك أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى التخفيف من الطعام والشراب، فقال -صلى الله عليه وسلم-:«مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ».
والصائم الغني الذي وهبه الله نعمة المال فهو قد تعود طوال العام على الرفاهية في المطعم والمشرب والملبس والمسكن فنسي أو غفل عن الفقراء والبائسين, فلما صام تغير سلوكه وظهرت أحاسيسه تجاه غيره,فعرف بذلك قدر نعمة الله عليه بالغنى حيث أنعم الله تعالى عليه بالطعام والشراب والنكاح، وقد حُرِمَها كثير من الخلق فيحمد الله على هذه النعمة ويشكره على هذا التيسير, ويذكر بذلك أخاه الفقير الذي ربما يبيت طاوياً جائعاً فيجود عليه بالصدقة يكسو بها عورته, ويسد بها جوعته, ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيُدارِسه القرآن -كما ثبت ذلك في الصحيح.إن الصائم الحق يتأثر سلوكه بالصيام في تعامله مع من حوله فالصيام يمَرِّن على ضبط النفس,والسيطرة عليها,والقوة على الإمساك بزمامها حتى يتمكن من التحكم فيها ويقودها إلى ما فيه خيرها وسعادتها، فإن النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي، فإذا أطلق المرء لنفسه عنانها أوقعته في المهالك، وإذا ملك أمرها وسيطر عليها تمكن من قيادتها إلى أعلى المراتب وأسنى المطالب.
وهذا لا يتحقق إلا لمن صام صوماً شرعيا مستشعراً عبادة ربه بذلك, منتظراً الثواب منه سبحانه, صامت بطنه وفرجه ولسانه وجميع جوارحه, وإلا فهو معرض لوساوس الشيطان ونزغاته، فيرتكب أخطاء قد تزهق صومه فضلاً عن أنه لا يستفيد منه ولا تزكو أخلاقه بصومه، وهذا لمن اتخذ الصيام مجرد عادة يصوم إذا صام الناس ويفطر إذا أفطروا، ولم يدخل مدرسة الصيام دخولاً إيمانياً، أو هو يفسر الصوم بأنه مجرد إمساك عن المفطرات، فيطلق لسانه وبصره فيما حرم الله ومنع نفسه ما كان أصله مباحاً له من المطعم والمشرب والمنكح مدعياً أنه صائم, فهذا لا حاجة لله في أن يدع طعامه وشرابه وقد عاش بعيداً عن الصيام الذي يتعلم منه أموراً كثيرة وعظيمة تنفعه في دينه ودنياه.
قال عليه -الصلاة والسلام-: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَ[/size][/color]