شرّع الله لعباده المسلمين فرصاً متعددة تقرّبهم منه وتزيد الصلة بينهم، ويزدحم شهر رمضان المبارك بكثير من الطاعات والفرص الإيمانية التي تعمل على سدّ حاجة من كان من أهل الحاجة
والفاقة ومنها زكاة الفطر التي فرضها عز وجلّ على كل المسلمين، فهي فريضة ينتظرها هؤلاء المحتاجون كل عام، لما فيها من تفريج لكرباتهم.."فلسطين" حاورت د.ماهر الحولي، عضو رابطة علماء فلسطين، وتطرقت من خلاله إلى أهميتها وكيفية إخراجها، وما يتعلق بها من أحكام:
وقت إخراجها
د.الحولي، أكد أن زكاة الفطر التي فرضت في السنة الثانية للهجرة تجب بإدراك جزء من رمضان وجزء من شوال، وذلك بإدراك غروب شمس آخر يوم من رمضان، وتمتاز عن الزكوات الأخرى بأنها مفروضة على الأشخاص لا على الأموال، موضحاًً أنها فريضة واجبة لحديث ابن عمر الذي قال فيه :"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شَعير على كلّ حرٍّ أو عبد أو أمة".
وبيّن أنها تجب على كل مسلمٍ عبدٍ أو حر، ذَكراً كان أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، غنياً أو فقيراً ويخرجها الرجل عن نفسه وعمَّن يعول، وتخرجها الزوجة عن نفسها أو يخرجها زوجها عنها شريطة أن يملك المسلم مِقدار الزكاة فاضلاً عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته، وعن سائر حوائجه الأصلية، لافتاً إلى أن زكاة الفطر تعدّ طهرة للصائم من اللَّغو والرَّفث اللذين قلَّما يسلَم صائم منهما، وأنهما طُعمة للمساكين حتى تدخل الفرح إلى قلوب الناس في أيام العيد.
ولتجنب الوقوع في اللبس الذي ينتاب بعض المسلمين عند إخراج هذه الزكاة، أوضح د.الحولي أنه يمكن إخراجها في أول أيام رمضان تيسيراً على الناس، مشيراً إلى اختلاف الآراء وتعددها بهذا الجانب، ففي حين قال الشافعية بأنها تجب بغروب آخر يوم من رمضان، قال الأحناف والمالكية بأنها تجب بطلوع فجر يوم العيد، كما أنه يجوز تقديمها من أول شهر رمضان عند الشافعي، والأفضل تأخيرها إلى ما قبل العيد بيوم أو يومين، وهو المعتمد عند المالكية، ويجوز تقديمها إلى أول الحول عند الأحناف؛ لأنها زكاة وعند الحنابلة يجوز تعجيلها من بعد نصف شهر رمضان.
بذلك تقدّر..
وبخصوص مقدار زكاة الفطر، ذكر د.الحولي أن الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد بن حنبل، ومعهم جمهور العلماء، اتفقوا على أن مقدراها صاع من تمر أو شعير أو زبيب أو أقِط أو قمح، أو أي طعام آخر من قوت البلد، وذلك لحديث ابن عمر المذكور آنفاً..
وذلك أيضاً لحديث أبي سعيد الخدري:"كنا نُخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، أو صاعاً من تَمر، أو صاعاً من شَعير، أو صاعاً من زَبيب، أو صاعاً من أقِط، فلم نزل كذلك حتى نزل عَلينا معاوية المدينة، فقال: إني لأرى مُدَّين من سَمراء الشام -أي قمحها- يعدل صاعاً من تمر فأخذ الناس بذلك"، أما الأحناف فقدّروها بصاعِ من كل الأنواع السابق ذكرها باستثناء القمح، فالواجب فيه نصف صاع وفقاً للحنابلة، والأحوط اعتماد الصاع من كافة الأنواع.
وبين أن الصاع يقدر بأربع حفنات بكفَّي رجل معتدل الكفّيْن، أو أربعة أمدد- ويذكر أن الصاع من القمح يساوي تقريباً 2176 غراماً، أما من غير ذلك فقد يكون أكثر أو أقل، منوهاً إلى أنه يجوز للمسلم أداء قيمة الصاع نقوداً لأنها أنفع للفقير، وأيسر في هذا العصر.
لمساكين المسلمين
ووفقاً للحولي فإن هذه الزكاة تصرف لفُقراء المسلمين ومساكينهم، باتفاق العلماء، من أجل التخفيف عنهم، ومساعدتهم، مؤكداً أنها تعمل على ربط المسلمين ببعضهم، وجعلهم يشعرون ببعضهم البعض.
وشدد على أنه لا يمكن صرف زكاة الفطر لمن لا يجوز صرف زكاة المال إليه، كمرتد أو فاسق يتحدى المسلمين، أو والد أو ولد أو زوجة، داعياً المسلمين إلى سؤال الفقهاء وأهل الاختصاص والعلم عن الأحكام الشرعية المتعلقة بأمور دنياهم ودينهم، في حال كانوا يجهلون حكمها، حتى لا يقعوا في الإثم أو يخسروا عباداتهم.[img][/img]