مضانُ .. شاهدٌ لنا أو علينا مما أَوْدَعْنَاهُ من الأعمال ..
فَمْن أودعه صالحاً فلْيَحمدِ الله ، وليُبْشِرْ بحسن الثواب ، واللهُ لا يُضيعُ أجرَ مَنْ أحسنَ عملاً .
ومَنْ أَوْدَعَهُ سَيِّئاً فليَسْكُبِ الدَّمعَ الغزير ، وليأتِ ما بقي من القليل .
فكم من جاء بالقليل وتُوِّجَ بالقَبول ! وكمْ منْ جاء بالكثيرِ فَمُنِيَ بالحرمان .
غداً توفَّى النفوسُ ما كسبت …ويحصدُ الزارعونَ ما زرعوا
إنْ أَحْسَنوا فقد أَحْسَنوا لأنفُسِهِم……وإنْ أساؤُوا فبِئْسَ ما صنعوا
*- رُوِيَ عن علي ( : أنَّه كان ينادي في آخرِ ليلةٍ من رمضان : ياليتَ شعري ! من المقبولُ فنهنَّيه ؟ ومن المحرومُ فنعزَّيه ؟
*- وزاد ابنُ مسعودِ ( يقول : أيها المقبولُ هنيئاً لك ، ويا أيها المردودُ جَبَرَ اللهُ مصيبتَك !
وهذا عامرُ بن قيس رحمه الله : يبكى ! فقيل له ما يبكيك ؟
فقال : والله ما أبكي حرصاً على الدنيا أو متاع ، أبكي على ذهابِ ظَمَأِ الهواجر ، وعلى قيام ليالي الشتاء !
وتأمَّلْ حالَ العالمِ الورعِ الزاهد ، عمرَ بن عبد العزيز رحمه الله ، حين خرج يوم الفطر ليخطب فقال : أيُّها الناس .. صُمتمْ للهِ ثلاثينَ يوماً ، وقُمتمْ ثلاثينَ ليلةً ، وخرجتم اليوم تطلبون من الله أنْ يَتَقبَّلَ منكم ما كان ! وكان بعضُ السلفِ يَظْهَرُ عليه الحزنُ يومَ عيدِ الفطرِ ، فيُقَالَ له : إنَّه يومُ فرحٍ وسرور ، فيقول : صَدَقْتُمْ ؛ ولكني عبدٌ أمرني مولاي أنْ أعملَ لَهُ عملاً ، فلا أَدْرِي أَيْقبَلُهُ مِنِّي أَمْ لا ...
ترحَّلت يا شهرَ الصيامِ بصومِنا……وقدْ كنتَ أنواراً بكلِّ مكانِ
لئنْ فَنِيَتْ أيامُك الزُّهرُ بَغتةً……فما الحزنُ مِنْ قلبي عليك بِفَانِ
عليكَ سلامُ الله كن شاهداً لنا… بخيرٍ رعاكَ الله مِنْ رمضانِ
أحبابي أتاكم العيد ، فهل أنتم على فرح ؟!
وفي نهاية المطاف ..
وقبل أنْ تفرحَ بالعيد ..
وتُهيئ الملبسَ الجديد ..
ارمُقْ معي تلكَ البُنَيَّةَ اليتيمة في بلاد المسلمين ، وهي تَهْتِفُ بِتِلْكُم الكلمات المكْلُومة نحو الهلال ، تشكو له حالها .
فهل تفرحُ كما تفرحُ بُنَيَّاتُ المسلمين بالحلْوى والثياب الجديدة ؟
أنَّى لها بالفرح ! فما لها إلَّا الهلالُ لتَبُثََّ حُزْنَهَا له فتناديهِ بقولها :
غِبْ يا هِلال ..
قالوا ستجلِبُ نحوَنا العيدَ السعيد .. عيدٌ سعيد ؟!
والأرضُ ما زالت مبللةَ الثرى بدمِ الشهيد ..
والحربُ ملَّت نفسَها وتقززتْ ممن تُبيد !
عيدٌ سعيدٌ في قصور المترفين !!
عيدٌ شقيٌ في خيام الَّلاجئين !!
هَرِمت خُطانا يا هلال ..
ومَدَى السعادةِ لم يزلْ عنَّا بعيد !
غِبْ يا هِلال ..
لا تأتِ بالعيدِ السعيدِ مع الأنين ؟ لا تأتِ بالعيدِ السعيدِ مع الأنين ؟ أنا لا أريدُ العيدَ مقطوعَ الوتين ..
أتظنُّ أنَّ العيدَ في حَلْوى وأثوابٍ جديدة ؟!
أتظنُّ أنَّ العيدَ تهنئةٌ تُسطَّرُ في جريدة ؟!
غِبْ يا هِلال ..
واطلَع علينا حين يبتسمُ الزمن .. وتموتُ نيرانُ الفتن ..
اطلَع علينا حين يُورِقُ في ابتسامتنا المساء ..
ويذوبُ في طرقاتنا ثلجُ الشتاء..
اطلَع علينا بالشّذى .. بالعِزِّ .. بالنصر المبين .
اطلَع علينا بالْتئامِ الشملِ بين المسلمين ..
هذا هو العيد ..
هذا هو العيدُ السعيد ..
وسواهُ ليس لنا بعيد !!
غِبْ يا هِلال ..
حتى نَرى راياتِ أمتِنَا تُرفرفُ في شَمَمْ..
فهناك عيد .. أيُّ عيد ؟
هناك .. يبتسمُ الشقيُ مع السعيد ! غِبْ يا هِلال
مع خالص تحياتى
و السلام عليكم و رحمة الله و برك