ناجح إبراهيم
كتبت هدى زكريا
أكد مجموعة من المفكرين الإسلاميين وقيادات الجماعات الإسلامية،
استحالة تطبيق الطرح الذى قدمه رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان خلال
برنامج "العاشرة مساء" الثلاثاء الماضى، والخاص بأن علمانية الدولة لا تعنى
دولة اللادين، متمنيا وجودها فى مصر والأخذ بها فى الاعتبار أثناء صياغة
الدستور القادم للبلاد، وذلك لأنها تقف موقف واحد تجاه جميع الأديان، ولا
تتعارض مع مبادئ الإسلام، حيث قال المفكرون إن هذا التطبيق خاص بتركيا،
ويتعارض مع الدستور المصرى منذ 1923 الذى ارتضى فيه الجميع أن يكون الإسلام
هو دين الدولة الرسمى، وأيضا دستور 1971 الذى نص على أن الشريعة الإسلامية
هى المصدر الأساسى للتشريع.
المفكر جمال البنا علق على طرح أردوغان: "من الصعب تطبيق النظرية التركية
على مصر فى الفترة الراهنة، لأن الجماعات الإسلامية ومن بينهم الإخوان لن
يرتضوا به، لأنهم مازالوا ينظرون للإسلام بتلك النظرة التقليدية القاصرة
على كلام الفقهاء، فى حين أن الأتراك نجحوا فى فهم ماذا يريد الإسلام دون
أن يتقيدوا به، واستغنوا عن الأسماء والأفكار التقليدية".
وأرجع البنا أيضا صعوبة تنفيذ ما دعا إليه أردوغان لتمسك تلك الجماعات
بالشكليات والطقوس، بغض النظر عن المعانى الحقيقية للإسلام التى تمثل أحد
الأسباب الرئيسية لتقدم وازدهار أى دولة.
وقال الدكتور ناجح إبراهيم المنظر الفكرى للجماعة الإسلامية، إن الإسلام فى
مصر متطور جداً مقارنة بتركيا، وذلك لأنه أقوى وأعمق بكثير فمصر تتحدث
العربية لغة القرآن، كما أنها لم تشهد على مدار تاريخها أى محاولات تغريب
أو علمانية كاملة.
وأضاف إبراهيم أن كل رؤساء مصر السابقين كانوا يتحدثون عن الإسلام والشريعة
كهوية أساسية للدولة، وكانوا يحضرون المراسم والطقوس الدينية، وهذا لم
يحدث فى تركيا التى حُرم فيها على البنات فى المدارس ارتداء الحجاب.
وأوضح إبراهيم أنه من الصعب تطبيق النظرية التركية على مصر الآن، قائلا:
لكل دولة خصائصها وطباعها المختلفة، ولا يجوز أن نقلد النموذج التركى كما
هو، لأن ما يتفق مع طبيعة مجتمعهم قد لا يتفق مع طبيعتنا، قائلا: "التجربة
التركية لا تصلح فى مصر، لأننا لسنا بحاجة إليها، فنحن شعب متدين بالفطرة،
سواء مسلمين أو مسيحيين، وبالتالى لا يمكن العودة للوراء، والحديث عن
إمكانية فصل الدين عن الدولة، ولكن يمكن القول إنه يجوز أن نأخذ من
الليبرالية والديمقراطية والاشتراكية ما يتفق مع مبادئ الإسلام، وأقول لمن
يريد أن يطبق التجربة التركية بحذافيرها أن هذا مستحيل.
وقال المهندس أبو العلا ماضى، رئيس حزب الوسط، إن التفسير الذى قدمه
أردوغان لمفهوم علمانية الدولة لا خلاف عليه، ولكنه مرتبط بالنص الذى وضعه
مصطفى كمال أتاتورك فى الدستور التركى، ونحن لسنا فى حاجة إلى هذا التفسير،
لأنه فى الوقت الذى ظهر فيه هذا الطرح فى تركيا كانت مصر أقرت بالفعل أن
يكون الإسلام هو الديانة الرسمية للدولة، وذلك خلال دستور 1923، وأيضا حسمت
الأمر، عندما أقرت أن الإسلام هو المصدر الرئيسى للتشريع فى عام 1971،
وبالتالى الأمر فى مصر واضح وليس بحاجة للتفسير أو هذا "اللف والدوران".
وأضاف "ماضى" أن العلمانية لها مئات التفاسير، ولسنا لدينا مشكلة الآن لكى
ندعو لتطبيق العلمانية أو نضع مبادئها فى الدستور القادم، لأن فى تصورى
الطرح الذى قمه رئيس الوزراء التركى كان خاصا بمشكلة متعلقة بتركيا لا يجوز
تعميمها فى كل الدول الإسلامية، ولا نريد نصا ملتفا، لأن لدينا نصا واضحا
وصريحا نقدم له تفسيرات مطمئنة.
من جانبه رفض منتصر الزيات، محامى الجماعات الإسلامية، الطرح الذى قدمه
رئيس وزراء تركيا قائلا: أردوغان ليس فقيها، ولن يعلمنا ما هو الدين، فنحن
شعب ومجتمع مسلم بطبيعته ومتسامح، ولكن هذا لا يمنع أننى أتمنى تكرار
التجربة التركية من ناحية التنمية والنهوض بالمجتمع، فى المجال الاقتصادى
والاجتماعى، وليس شرطا أن نجعل الأمر قاصراً على علمنة الدولة فقط، ولكن
نهتم بالمضمون أكثر من الشعارات، وأضاف أنه سيبقى لمصر تجربتها الفريدة
المميزة وعاداتها وتقاليدها، والتى من الصعب أن تتشابه مع نظيرتها التركية.