الإثنين، 10 أكتوبر 2011 - 04:23
جانب من أحداث ماسبيرو
كتب محمد حجاج ومحمد البحراوى ونادر شكرى وعز النوبى ومحمود عثمان
ليلة دامية شهدتها منطقة ماسبيرو، أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون
على كورنيش نيل القاهرة، بدأت من مساء الأحد بمظاهرة قبطية أمام ماسبيرو،
لتتحول إلى مسلسل دامى امتد إلى بقية قلب العاصمة مع الساعات الأولى من
صباح اليوم التالى، وقع ضحيتها 24 مصريا قتيلا، و224 مصابا، ما بين عسكرى
ومدنى، مما دفع القوات المسلحة إلى فرض حظر التجوال على المناطق التى شهدت
الأحداث الدامية فى قلب القاهرة لتهدئة الأوضاع والسيطرة على الموقف.
أكدت مصادر مطلعة لـ"اليوم السابع"، أن قوات الجيش دفعت بـ 150 مدرعة و100
سيارة شرطة عسكرية تقل أكثر من 5 آلاف جندى، ودفعت قوات الأمن المركزى بنحو
10 آلاف جندى و200 مدرعة وسيارة أمن مركزى، وأعلنت وزارة الصحة حتى كتابة
هذه الكلمات أن عدد القتلى بين المدنيين وقوات الأمن قد وصل إلى 24 حالة،
ووصل عدد المصابين إلى 212 حالة، 193 منهم تم نقلهم إلى 3 مستشفيات هى
المستشفى القبطى ومستشفى معهد ناصر ومستشفى كوبرى القبة العسكرى، بينهم 107
أفراد مدنين، و86 مجندا، وتم علاج 19 مصابا فى أماكن الحدث، فى حين كانت
إصابة عشرة أفراد خطيرة للغاية، نتيجة لإصابتهم بطلقات نارية وآلات حادة
وأجريت لهم عمليات جراحية.
بداية الأحداث عندما خرجت مسيرة تحت عنوان "يوم الغضب القبطى"، تضم المئات
من الأقباط من دوران شبرا، إلى ماسبيرو، يرتدون ملابس بيضاء كتب عليها
أسماء بعض ضحايا العنف الطائفى، وسط هتافات تخللتها الطبول ضد محافظ أسوان،
رافعين لافتات تطالب بمعاقبة الجناة وتحقيق العدالة والمساواة، كما توافد
عدد كبير من الأقباط بمختلف المحافظات مثل سوهاج وأسيوط، حاملين لافتات
تعبر عن تضامنهم، مع اتحاد شباب ماسبيرو بعد فض اعتصامهم بالقوة.
من جانبهم قام عدد من أهالى منطقة القللى برشق مسيرة الأقباط، فى طريقها
لمبنى ماسبيرو، بالحجارة، كما أطلق مجهولون أعيرة نارية فى الهواء
لتفريقهم، كما وقعت اشتباكات بين عدد من الأهالى والأقباط، الأمر الذى أسفر
عن إتلاف عدد من السيارات، وتكرر الأمر من قبل أهالى السبتية، حيث رشقوا
المسيرة بالحجارة لتفريقها.
تطورت الأحداث وواصل آلاف الأقباط والأهالى اشتباكاتهم خلال المسيرة، وأشعل
عدد من الأقباط النار بمدرعة تابعة للشرطة العسكرية، فور وصولهم إلى مبنى
اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وأسفرت الاشتباكات عن وقوع عدد من الإصابات،
وقابل أفراد الشرطة العسكرية رشق الأقباط لهم بالحجارة بإطلاق عدد من
الأعيرة النارية فى الهواء دون جدوى، الأمر الذى أدى إلى تدخل قوى للقوات.
أكد المصابون من رجال الشرطة العسكرية استخدام المتظاهرين الأقباط للأسلحة
النارية ضدهم، وتزايد عدد المصابين، وأكدت مصادر طبية بعيادة اتحاد الإذاعة
والتلفزيون بالدور السادس وجود أكثر من العشرات من المصابين من الشرطة
العسكرية.
وأضافت المصادر الطبية، أن هناك 3 مجندين شهداء نتيجة طلق نارى، فيما يوجد
عدد من الجنود والضباط مصابون بطلقات نارية من أسلحة، وكانت أكثر الإصابات
بكسور فى القدم وقطوع فى الوجه واليدين والجزء العلوى من الجسم، نتيجة
أسلحة بيضاء، وطالب الأطباء والطاقم الطبى أيفاد تعزيزات طبية إليهم، بعد
أن وقع المصابون على جوانب الطرقات بعد عدة ساعات من الاشتباكات العنيفة مع
الأمن، أدت إلى مقتل عدد من المتظاهرين الأقباط فى الاشتباكات الدائرة
الآن فى منطقة ماسبيرو، وتم وضع جثث القتلى وعشرات المصابين بالعقارات
المجاورة للمبنى.
واحتشد المئات من أفراد القوات المسلحة أمام ماسبيرو لحماية المقر، وتم
إبعاد المتظاهرين بعيدا عن التلفزيون، وتم إقامة كردونات أمنية فى مداخل
ومخارج الطرق المؤدية إلى التلفزيون، بجانب وضع متاريس وسيارات مدرعة
لإغلاق كوبرى مايو وأكتوبر، لمنع المتظاهرين الذين أحاطوا المبنى ويحملون
الأسلحة البيضاء والمسدسات والبنادق والشوم.
تطورت الأحداث بسرعة ووقعت مواجهات فوق كوبرى أكتوبر بين قوات الأمن
والمتظاهرين، وتبادل الطرفان إلقاء القنابل المسيلة للدموع من جانب الشرطة
والحجارة من جانب المتظاهرين، وألقت قوات الأمن قنابل مسيلة للدموع على
المتظاهرين الأقباط بميدان عبد المنعم رياض، لمنعهم من الوصول إلى مبنى
الإذاعة والتليفزيون بمنطقة ماسبيرو، وسط اشتباكات بين الجانبين وسقوط
مصابين جراء القنابل وحدثت حالات من الكر والفر بين المتظاهرين وقوات
الأمن، وتبادلا إلقاء الحجارة والقنابل المسيلة للدموع.
فى الوقت نفسه، توجه العشرات من الشباب المسلمين والمسيحيين إلى ميدان
التحرير وسط هتافات "يسقط يسقط حكم العسكر"، منددين بتعامل الأمن معهم
بعنف، رغم أنهم يحاولون الوصول إلى ماسبيرو لمعرفة الحقيقة، وتمكنت قوات
الأمن من السيطرة على الوضع داخل ميدان التحرير، وتم إلقاء القبض على
العشرات، وتقهقر بقيتهم إلى خارج الميدان.
بعد ذلك بدأت قوات الأمن بتكثيف تواجدها بمنطقة ماسبيرو بالدفع بمئات من
عساكر الأمن المركزى والمدرعات إلى موقع الاشتباكات، وقام عدد من أهالى
منطقة ماسبيرو بمطاردة المتظاهرين الأقباط بالشوم والأحزمة، بعد أن حاولوا
اقتحام مبنى الإذاعة والتلفزيون، وإشعال النيران بالمنازل المحيطة بالمبنى،
خاصة بعد اشتعال النيران بأتوبيسات النقل العام وعدد من السيارات.
وصل بعد ذلك عدد من المسلمين إلى منطقة ماسبيرو مرددين هتافات إسلامية
إسلامية، وقاموا بإشعال النيران فى سيارتين ملاكى، ومنعوا رجال الدفاع
المدنى من إطفائهما.
فيما خرجت مسيرة من التحرير تتبع الأقباط المتواجدين بالمنطقة لتفريقهم،
وقام عدد كبير من المتظاهرين بقذف نقابة الصحفيين بالحجارة والاعتداء على
أمن النقابة بعد تردد أنباء باختباء عدد من الأقباط بداخلها، مما تسبب فى
إصابة العشرات بكدمات وجروح سطحية، كما قاموا بإشعال النيران بجميع
اللافتات أمام النقابة.
وعاد الهدوء مرة أخرى إلى منطقة ماسبيرو والمناطق المجاورة لمبنى الإذاعة
والتلفزيون وميدان التحرير، بعد أن تمكنت قوات الجيش والشرطة فى فرض
سيطرتها بالمنطقة، ووجود عدد كبير من القيادات على رأسهم مدير أمن القاهرة
اللواء محسن مراد، وقامت إدارة مرور القاهرة برفع الحواجز الأمنية وهياكل
السيارات المحروقة، وإزالة العديد من التلفيات.
ولكن هدوء التحرير نقل المعركة إلى شارع رمسيس الذى شهد اشتباكات عنيفة بين
أقباط ومسلمين، أدى إلى وقوع عدد من الإصابات قام خلاله مجهولون بإشعال
النيران فى إحدى العمارات التى تبعد بضعة أمتار عن ميدان رمسيس، وإشعال
النيران فى أكثر من 7 سيارات ملاكى وأتوبيس نقل عام، وفى السياق ذاته قامت
قوات الشرطة بفض الاشتباكات بين الطرفين وقامت بإطلاق القنابل المسيلة
للدموع من أجل تفريق الاشتباكات.
ووصلت سيارات الدفاع المدنى إلى شارع رمسيس، وبدأت فى القيام بعمليات
الإطفاء للعمارة والسيارات التى تم إضرام النيران بداخلها، بينما نشرت قوات
الجيش أكثر من 30 مدرعة بطول شارع رمسيس وحتى ميدان غمرة، وقام بعض
العقلاء من الطرفين بحماية المستشفى القبطى الذى كان يستقبل بعض المصابين
فى أحداث الاشتباكات مع قوات الأمن.
فرضت القوات المسلحة حظر التجوال على المناطق التى شهدت الأحداث الدامية فى
قلب القاهرة، من أجل تهدئة الأوضاع والسيطرة على الموقف، وهى منطقة
ماسبيرو، وميدان عبد المنعم رياض، وميدان التحرير، وميدان الإسعاف، وميدان
رمسيس، وغمرة، والعباسية وكوبرى القبة.