الرئيسية
المنشورات
الأحد 02 اكتوبر - 09:19مساء
رؤية الأمريكان لأزمة الإخوان المسلمين وعلاقتهم المتوترة بحكومة الأسد
وثائق ويكيليكس المسربة حديثا - ترجمة: ريم رمضان
ســـــــــــري
الموضوع: جماعة الإخوان المسلمين السورية
تم تحرير هذه الوثيقة في 26 فبراير 1985، وأفرج عنها في 30 أغسطس 2011.
مرجع: دمشق 575
موجز النص:
1. تعتبر جماعة الإخوان المسلمين السورية من أقوى الحركات الشعبية التي
تهدد نظام الأسد، حيث انها لم تستطع التخلص من انقساماتها الداخلية
أواستعادة قواها من آثار الضربة المدمرة التي ظلت تعاني منها في حماة حتى
الآن. وقد أعلن العفو في 25 ينايرعن المنفيين من الجماعة، كما شارك عدد من
الإخوان في التفاوض حول تلك القضية والفوائد التي عادت عليهم منها، والتي
كانت سببا في دعم صورة الأسد في الاستفتاء الشعبي الذي أجري في العاشر من
فبراير، مما يدل على ضعف جماعة الإخوان المسلمين السورية التي تعاني من
الانقسامات الداخلية وفقدان المصداقية.
2. أدت حملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها السلطات السورية في ديسمبر
1981 وتدمير حماة الذي حدث في فبراير 1982، إلى كبح جماح الجماعة ، وظهرت
مشكلات داخلية جديدة في عائلة الأسد تهدد نظامه، حيث تعرض الأسد الأب لوعكة
صحية جعلت أخاه رفعت يطمع في الاستيلاء على السلطة. ومن ناحية أخرى، كان
ينظر لحماة على انها سبب سقوط جماعة الإخوان.
3. انقسمت جماعة الإخوان السورية بمدينة حماة إلى ثلاثة اتجاهات منذ
السبعينات، تمركز أحدها بألمانيا الغربية بزعامة عصام العطار بعد طرده من سوريا عام 1964، واتخذ لنفسه اسم "أوكان".
وفي أوائل عام 1970، شعر أعضاء الجماعة انهم بحاجة إلى زعيم أقرب إلى أرض
الوطن، حيث انقطعت صلتهم بالعطار وشعروا انه غريب عنهم ولا يصلح لقيادة
الجماعة لكونه "مفكرا دينيا" فقط.
4. انقسمت قيادة الإخوان السورية إلى اتجاهات سياسية وعسكرية ، فيما
يزال الاتجاه السياسي يتزعمه كبار السن كعدنان سعد الدين وسعيد حوا وإخوان
بنعني المرجح وجودهم الآن في بغداد أو ربما يتنقلون بين بغداد وعمان. ويمثل
التيار السياسي الاتجاه التقليدي لمؤسس الجماعة المصري "الشيخ حسن البنا"،
الذي يتبعه بعض الأصوليون ممن يطمعون في انشاء دولة جديدة تقوم على تعاليم
القرآن الكريم وبعض الأفكار البرلمانية الإنسانية الغربية. واعتنق الإخوان
السوريون – في أوائل السبعينات – "فكرة الجهاد" التي تحولت إلى اتجاه
عسكري في منتصف السبعينات. وقد أصبح العطار الآن أكثر ميلا إلى الاتجاه
العسكري من نظيره السياسي.
5. وتزعم "الاتجاه العسكري" – الذي أطلق عليه في البداية بـ "طليعة
المجاهدين"– مجموعة من الشباب ، الذين سعوا إلى اللجوء إلى شكل من أشكال
الإرهاب (حيث قاموا بتفجير مدرسة الكاديت العسكرية بحلب عام 1980، مما أسفر
عن مقتل 50 سخصا). ورفض زعماء هذا التيار – من بينهم "السيد عدنان عقلة"
- اي أفكار غربية أو مصالحة مع الحركات العلمانية او ان تأخذهم أدنى شفقة
أو رحمة بالعلويين. وقتل الزعماء الأوائل لذلك التيار على يد قوات الأمن
الموالية للأسد في حملة ضد الإخوان المسلمين عام 1979 – 1980.
6. ثم بدأ تشكيل "جبهة إسلامية" والإعلان عن البيان الرسمي للثورة
الإسلامية السورية في نوفمبر 1980، ووقع عليه كل من (عدنان سعد الدين وسعيد
حوا وبنعني ، الذي أطلق عليه "الأمين العام للجبهة الإسلامية". ويذكر انه
كان هناك تعاونا كبيرا بين أعضاء جماعة الإخوان المسلمين السورية. وانضم
الى الجبهة عصام العطار ، وعقد عقله الذي كان يمثل" التيار سياسي " للجماعة
مفاوضات في محاولة لتسوية الخلافات الداخلية وإحداث انقلاب ضد نظام الأسد
الذي كان من المتوقع ان يصاحبه انتفاضات جماهيرية ضخمة تجوب البلاد. وأفادت
التقارير الصحفية ان الجماعة كانت مفتقرة - في تلك الفترة - إلى التعاون
والتنسيق فيما بينها. وقد شنت قوات الأسد حملة اعتقالات موسعة ضد هؤلاء في
نهاية 1981، حيث ألقت القبض على 400 إخواني في يناير 1982. وبمرور الوقت،
حددت قوات الأسد اقامة الإخوان في مدينة حماة، هكذا أضعف من قوة الجماعة
داخل النظام. وعلى الجانب الآخر، كان على الإخوان – في حماة - مواجهة حملة
الاعتقالات والإعدام والتغلب على قوات الأسد بالمدينة ، وفي الوقت ذاته،
تعرض الإخوان لحصار دام لعدة أسابيع أسفر عن مصرع الآلاف. (وزعم مصدر
للطليعة في سبتمبر 1982 مقتل 6000 جندي من قوات الأسد و400 من المجاهدين
و15000 من المدنيين في تلك الأثناء.
7. قطعت كل من الطليعة والتيار السياسي للجماعة مفاوضاتهما في ديسمبر
1981 عندما بدأت حملة الاعتقالات الكبرى، لذلك لم تكن حماة سببا في تمزق
الجماعة ، على الرغم من ان هناك شعور داخل التيار السياسي ان الطليعة كانت
وراء هذا التمزق والفشل في حماة، وثبت ذلك عند انضمام الأول إلى "التحالف
الوطني لتحرير سوريا" في مارس 1982 بالاشتراك مع 19 حركة معارضة وأشخاص
معظمهم علمانيين يتمركزون بالعراق. ويمثل سعد الدين الجبهة الإسلامية في
التحالف الذي يضم الجناح الموالي للعراق
"حزب البعث السوري" والحركة الاجتماعية العربية والناصريين بالإضافة إلى بعض الأفراد كالديكتاتور السوري السابق، أمين الحافظ.
8. ويوضح تشكيل التحالف الوطني كيفية سقوط الجماعة، حيث انها لم تفقد
فقط كثيرا من بنيانها وأساسياتها في ظل نظام الأسد ، بل فقدت أيضا القدرة
على النضال والكفاح، فقد حدث بها بعض الانقسامات والانشقاقات، حيث لطخت
نفسها بالاشتراك في نشاطات غريبة بعيدة عن فكرة الدولة الإسلامية ، حين
وضعت نفسها في قبضة النظام العراقي. وتضاءلت الأنشطة الإرهابية – التي
كثيرا ما تنسب إلى جماعة الإخوان في سوريا - في الفترة ما بين ديسمبر
1981 حتى مارس 1982 ، بعد مرور تلك الأشهر الصعبة،ولكن لم يخلو الأمر من
ظهور بعض الأنشطة السياسية القليلة للجماعة. (وكان الاجتياح الاسرائيلي
للبنان في يونيو حزيران 1982 أيضا عاملا مساهما في ذلك، فقد كان لهذا الغزو
أثرا جماهيريا كبيرا ضد العدو الصهيوني المرتقب،وبغض النظر عما حدث في
حماة، فلم تلق الجماعة التعاطف الجماهيري الذي اعتادت عليه من قبل).
9. لم تلق جماعة الإخوان المسلمين في سوريا أي دعما خارجيا ، كما تعطل
هيكلها الداخلي وسيئ لاسمها من قبل أعضائها الأصولويين وسائر الشعب السوري،
فهناك بعض التناقضات الصارخة التي جعلتنا نصدق ان تلك الجماعة لم تحقق
نجاحات أو انجازات.
ورحب البعث العلماني بالعراق ببعض قادة التيار السياسي "بأذرع مفتوحة
لكنه أغلق الباب أمام الطليعة. (حيث لم يجد عقلة ملجأ هناك ، ووفقا لبعض
التقارير، فقد تم القبض عليه عندما كان يحاول التسلل الى سوريا عام 1983 أو
1984). قال زميل أردني ان العراق ربما تكون قد نظمت تدريبا للإخوان المسلمين الآن ، ولكن بشكل محدود. ويبدو ان النظام العراقي لا يؤيد أي عمليات لا تقع تحت سيطرته.
ويزخر التاريخ بدور منظمة التحرير الفلسطينية وتعاونها مع حركة الإخوان
المسلمين، ويعد هذا من أهم أسباب كراهية الأسد لتلك المنظمة ، حيث كان
عرفات والمؤسسين لحركة فتح أنفسهم من الإخوان المسلمين،الذين تم تدريبهم مع
الفدائيين في الأردن قبل الحرب الأهلية عام 1970. وتوطدت العلاقة بين
عرفات والشيخ شعبان ، رائد التوحيد في طرابلس ولبنان في الآونة الأخيرة ،
إلى ان طرد عرفات في ديسمبر 1983.
وتعد إيران من أخطر التهديدات التي تواجه الاتجاه السياسي لجماعة
الإخوان السورية ، نظرا لدعمها نظام الأسد والعلويين وارتباطها بالاتجاه
السياسي بالعراق، فضلا عن علاقة الطليعة المتوترة بإيران بسبب دعمها للأسد.
وفي السياق نفسه، حدث بعض التوترات مع المملكة العربية السعودية بسبب
مساعداتها المالية الهائلة لنظام الأسد ، ولكن هناك بعض الشائعات بأن
الرياض قامت بتقديم المساعدات المالية وحق اللجوء لبعض الإخوان المسلمين،
فيما نفت السعودية علاقتها بذلك، ولكن تأكد فيما بعد وجود بعض الإخوان بمكة
المكرمة ، حيث سمح لهم بالدخول اليها نظرا لهويتهم الدينية المتأصلة
وعلاقتهم بالمؤسسات الدينية.
عفو السلطات وضعف الإخوان:
10. أظهر الأسد العفو (المحدود) عن الجماعة في 25 يناير، فيما اندهش بعض
الدبلوماسيين السوريين لذلك قبل تعافيه من مرضه ونفي أخيه "رفعت".
11. عفو الأسد لم يصل إلى درجة "العفو العام"
أعلن في الآونة الأخيرة عن إجراء اتصالات بين الإخوان المسلمين وقيادة تنظيم الطليعة بالخارج ، الذي يتبنى التيار العسكري.
-- يقصد بـكلمة"الخارج" - في هذه الوثيقة - العفو عن المنفيين فقط ،
وليس الإخوان المعتقلين بالسجون السورية. (وأعلن متحدث باسم الطليعة عام
1982 أن هناك 10000عضوا ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين معتقلين
بالسجون، بالإضافة إلى الآلاف السوريين المشتبه في علاقتهم بالجماعة ، وهو
عدد كبير بالنسبة لبلد صغير، فلا توجد أسرة في سوريا إلا ولها معتقل في تلك
القضية.
وأعلنت القيادة المذكورة عن إدانات عديدة تكشف مؤامرة جديدة تدبر ضد سوريا من قبل هؤلاء الذين يتاجرون باسم الدين.
كما أعلنت القيادة باسمها واسم الكثير من قواعد الإخوان عن رغبتهم في
"العودة الى أرض الوطن" ، وطالبوا بتطبيق العفو على كل من يعود إلى وطنه
بقلب مفتوح ، وقدموا اقتراحا ألا يقتصر العفو على المنفيين فقط، بل طالبوا
بأن يشمل كل قواعد الجماعة.
12. وأخيرا ، أعلن عن "عودة بعض هؤلاء المواطنين بالفعل" بموجب "عفو خاص من حافظ الاسد"..
13. وفي اليوم نفسه، صدر الإعلان الختامي للمؤتمر الإقليمي الثامن ،
حاملا رسالة مختلفة تماما. وعقدت جلسات سرية خلال المؤتمر تتناول قضية
الإخوان المسلمين.
- -- وبحث المؤتمر - أثناء دراسته الأوضاع الداخلية ، مؤامرة الإخوان
المسلمين ، التي سعت لتنفيذ خطط الاستعمار في المنطقة من خلال إنشاء قواعد
لتقديم الدعم والإمدادات والتدريب ، و معونات من الأردن والعراق ، واستعرض
المؤتمر أيضا التدابير المتخذة لتصفية تلك الجماعة وملاحقة عناصرها... كما
أشاد بالتدابير المبذولة... لإحباط مخططات الاستعمار الصهيوني.
وذكر البيان ان ما حدث في حماة كان ضروريا، ولم يبد النظام أي ندم أو أسف لذلك، كما تعهد بتكرار القمع إذا لزم الأمر.
وبالتالي فإن هذا "العفو" يعد موضع شك كبير لعدة أسباب :
- لم يشمل العفو الآف الإخوان المعتقلين في السجون. ومن الصعب أن نتخيل
ان عددا كبيرا من الإخوان المنفيين سوف يسمح لهم بالدخول إلى سوريا دون
مظاهرات تطالب بذلك. وقد أوردت بعض التقارير أنه تم الإفراج عن عدد من
المعتقلين بالسجون السورية ، ربما "مئة" ، أو "وخمسمائة"، معظمهم من
النساء، كما ان هناك تضاربا في الأنباء بشأن الإفراج عن الإخوان المعتقلين
وغموض في مصائرهم داخل المعتقلات. وقد بحث الإخوان المنفيين كيفية
المحافظة على أنفسهم قبل العودة إلى سوريا ، (ربما يواجه النظام مشكلة
كبيرة في منح العفو العام ، لا سيما بعد اختفاء كثير من المعتقلين الإخوان،
و وفقا لأحد التقارير، تم "الافراج" عن بعضهم ثم تم مطاردتهم وقتلهم عن
عمد في نهاية الأمر.وعذب البعض الآخر لدرجة أنهم لا يستطيعون الآن الظهور
أمام العامة.)
- يعد هذا "العفو" غامض للغاية ، فكيف يستطيع المنفي اثبات صدقه وولائه لبلاده مع شعوره بالاغتراب داخل وطنه.
- يقصد هنا بقيادة تنظيم الاخوان المسلمين هم الموجودين بالخارج ،وليس
قيادة المجاهدين "الطليعة" وهو الشعار المستخدم عادة في اللهجة السياسية
السورية. وجدير بالذكر ان زعيم اتجاه الطليعة – السيد عدنان عقلة – لا يزال
محتجز في أحد السجون السورية ، حيث استبعده السوريون من حياتهم.
- إن طبيعة الإخوان المسلمين السوريين -- وخصوصا
تعصب "الطليعة" – يشير إلى أن عدد قليل منهم ، هم الذين يقبلون التذلل
والخنوع لحافظ الاسد.
14. وقد حصلنا على عدد من التقارير حول إجراء مفاوضات بين مسؤولين
أمنيين سوريين وبعض ممثلي منظمة "الطليعة" –بشأن البدء في إدخال سعيد شعبان
وربما الايرانيين في المنظمة، وأفاد تقرير آخر أن "بضع مئات" من أعضاء
الطليعة قد عادوا إلى سوريا بعد اللجوء إلى المملكة العربية السعودية ،
بفضل تدخل ولى العهد، الأمير عبد الله "عند زيارته لدمشق في الفترة من 21
يناير: 1 فبراير (وربما أيضا خلال زيارته في سبتمبر 1984) ، وسوف تنضم
الطليعة إلى "الجبهة الوطنية التقدمية السورية."
15. أشار متحدث مجهول باسم الطليعة - في سبتمبر 1982 في مقابلة مع
صحيفة "لو ماتان" الفرنسية- باصابع الاتهام الى زعماء "الاتجاه السياسي"
لجماعة الإخوان (كسعد الدين وآخرون) بأنهم يخططون للانضمام إلى ائتلاف
الاسد. ومن المحتمل أن تكون الطليعة نفسها ، أو بعض عناصرها هم الذين فعلوا
ذلك.
16. وبعد التأكد من صحة هذه التقارير ، نميل إلى الاعتقاد بأن أحد صغار
عناصر الطليعة ، أو أحد عناصر الإخوان المسلمين الذين اتخذو هذا الاسم، قد
انخرطوا في مفاوصات مع السوريين. وصرح أحد الدبلوماسيين السويديين الذين
تابعوا جماعة الإخوان المسلمين السورية لفترة طويلة انه علم ان شعبان قد
أثار مسألة عودة الإخوان المنفيين (ممن اتخذوا طربلس ملجا لهم) إلى سوريا،
خلال زيارته لدمشق في ستمبر 1984.
17. وأضاف السويدي ان شعبان يعد عدوا لدودا للأسد ، فقد وافق فقط أن يأتي إلى دمشق ، بناء على دعوة الرئيس الايراني خامنئي.
18. كان إعلان "العفو" عن جماعة الإخوان المسلمين يمثل جزءا هاما من
الدعاية للاستفتاء الشعبي. فمن الواضح أن الأسد كان يريد الخوض في
الاستفتاء بكسب"الجناح الديني"بقدر الإمكان. وقبل أيام من استفتاء 10
فبراير شباط ، زخرت الصحف بهتافات كبار الزعماء الدينيين المؤيدة للأسد من
خلال العناوين الرئيسية ،كما تضمن التأييد إعلان مشترك بين المسلمين
والمسيحيين السوريين. كان الأسد دائما حريصا على ان يظهر في صورة المسلم
الورع على الرغم من كونه علوي ،مما دفع المسلمين المتدينيين إلى احتقاره،
فضلا عن قضاءه على الوحدة الوطنية من خلال ارهابه للزعماء المسحييين.
19. كان الأسد في أشد الحاجة إلى هذا "العفو"، فقد كانت لأحداث حماة
آنذاك ذكرى وطنية أليمة لم يسبق لها مثيل. كما ان هناك اتجاه أن الأسد سعى
وراء فترة ولايته ثالثة تقوم على "التطهير"، متناسيا الرعب الذي أحدثه في
حماة. وفي الوقت نفسه ، كان لتك الأحداث أهميتها في في تذكير الناس بأن
الأسد سوف يظهر شراسته ويكشر عن أنيابه إذا لزم الأمر. هكذا يبعث الرئيس
السوري برسالة مزدوجة إلى شعبه الا وهي: العفو والسماح مع العنف والدمار.
والواقع أن "العفو" هو أيضا كان قاسيا جدا في تشويه صورة الدين الحنيف.
وحاول الأسد ان يظهر بصورة الإنسان الخير المؤيد لدينه (على الرغم هويته
العلوية) ، وايضا في صورة الرئيس الصارم مع شعبه، وكلها متناقضات.
رؤية الأمريكان لأزمة الإخوان المسلمين وعلاقتهم المتوترة بحكومة الأسد
وثائق ويكيليكس المسربة حديثا - ترجمة: ريم رمضان
ســـــــــــري
الموضوع: جماعة الإخوان المسلمين السورية
تم تحرير هذه الوثيقة في 26 فبراير 1985، وأفرج عنها في 30 أغسطس 2011.
مرجع: دمشق 575
موجز النص:
1. تعتبر جماعة الإخوان المسلمين السورية من أقوى الحركات الشعبية التي
تهدد نظام الأسد، حيث انها لم تستطع التخلص من انقساماتها الداخلية
أواستعادة قواها من آثار الضربة المدمرة التي ظلت تعاني منها في حماة حتى
الآن. وقد أعلن العفو في 25 ينايرعن المنفيين من الجماعة، كما شارك عدد من
الإخوان في التفاوض حول تلك القضية والفوائد التي عادت عليهم منها، والتي
كانت سببا في دعم صورة الأسد في الاستفتاء الشعبي الذي أجري في العاشر من
فبراير، مما يدل على ضعف جماعة الإخوان المسلمين السورية التي تعاني من
الانقسامات الداخلية وفقدان المصداقية.
2. أدت حملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها السلطات السورية في ديسمبر
1981 وتدمير حماة الذي حدث في فبراير 1982، إلى كبح جماح الجماعة ، وظهرت
مشكلات داخلية جديدة في عائلة الأسد تهدد نظامه، حيث تعرض الأسد الأب لوعكة
صحية جعلت أخاه رفعت يطمع في الاستيلاء على السلطة. ومن ناحية أخرى، كان
ينظر لحماة على انها سبب سقوط جماعة الإخوان.
3. انقسمت جماعة الإخوان السورية بمدينة حماة إلى ثلاثة اتجاهات منذ
السبعينات، تمركز أحدها بألمانيا الغربية بزعامة عصام العطار بعد طرده من سوريا عام 1964، واتخذ لنفسه اسم "أوكان".
وفي أوائل عام 1970، شعر أعضاء الجماعة انهم بحاجة إلى زعيم أقرب إلى أرض
الوطن، حيث انقطعت صلتهم بالعطار وشعروا انه غريب عنهم ولا يصلح لقيادة
الجماعة لكونه "مفكرا دينيا" فقط.
4. انقسمت قيادة الإخوان السورية إلى اتجاهات سياسية وعسكرية ، فيما
يزال الاتجاه السياسي يتزعمه كبار السن كعدنان سعد الدين وسعيد حوا وإخوان
بنعني المرجح وجودهم الآن في بغداد أو ربما يتنقلون بين بغداد وعمان. ويمثل
التيار السياسي الاتجاه التقليدي لمؤسس الجماعة المصري "الشيخ حسن البنا"،
الذي يتبعه بعض الأصوليون ممن يطمعون في انشاء دولة جديدة تقوم على تعاليم
القرآن الكريم وبعض الأفكار البرلمانية الإنسانية الغربية. واعتنق الإخوان
السوريون – في أوائل السبعينات – "فكرة الجهاد" التي تحولت إلى اتجاه
عسكري في منتصف السبعينات. وقد أصبح العطار الآن أكثر ميلا إلى الاتجاه
العسكري من نظيره السياسي.
5. وتزعم "الاتجاه العسكري" – الذي أطلق عليه في البداية بـ "طليعة
المجاهدين"– مجموعة من الشباب ، الذين سعوا إلى اللجوء إلى شكل من أشكال
الإرهاب (حيث قاموا بتفجير مدرسة الكاديت العسكرية بحلب عام 1980، مما أسفر
عن مقتل 50 سخصا). ورفض زعماء هذا التيار – من بينهم "السيد عدنان عقلة"
- اي أفكار غربية أو مصالحة مع الحركات العلمانية او ان تأخذهم أدنى شفقة
أو رحمة بالعلويين. وقتل الزعماء الأوائل لذلك التيار على يد قوات الأمن
الموالية للأسد في حملة ضد الإخوان المسلمين عام 1979 – 1980.
6. ثم بدأ تشكيل "جبهة إسلامية" والإعلان عن البيان الرسمي للثورة
الإسلامية السورية في نوفمبر 1980، ووقع عليه كل من (عدنان سعد الدين وسعيد
حوا وبنعني ، الذي أطلق عليه "الأمين العام للجبهة الإسلامية". ويذكر انه
كان هناك تعاونا كبيرا بين أعضاء جماعة الإخوان المسلمين السورية. وانضم
الى الجبهة عصام العطار ، وعقد عقله الذي كان يمثل" التيار سياسي " للجماعة
مفاوضات في محاولة لتسوية الخلافات الداخلية وإحداث انقلاب ضد نظام الأسد
الذي كان من المتوقع ان يصاحبه انتفاضات جماهيرية ضخمة تجوب البلاد. وأفادت
التقارير الصحفية ان الجماعة كانت مفتقرة - في تلك الفترة - إلى التعاون
والتنسيق فيما بينها. وقد شنت قوات الأسد حملة اعتقالات موسعة ضد هؤلاء في
نهاية 1981، حيث ألقت القبض على 400 إخواني في يناير 1982. وبمرور الوقت،
حددت قوات الأسد اقامة الإخوان في مدينة حماة، هكذا أضعف من قوة الجماعة
داخل النظام. وعلى الجانب الآخر، كان على الإخوان – في حماة - مواجهة حملة
الاعتقالات والإعدام والتغلب على قوات الأسد بالمدينة ، وفي الوقت ذاته،
تعرض الإخوان لحصار دام لعدة أسابيع أسفر عن مصرع الآلاف. (وزعم مصدر
للطليعة في سبتمبر 1982 مقتل 6000 جندي من قوات الأسد و400 من المجاهدين
و15000 من المدنيين في تلك الأثناء.
7. قطعت كل من الطليعة والتيار السياسي للجماعة مفاوضاتهما في ديسمبر
1981 عندما بدأت حملة الاعتقالات الكبرى، لذلك لم تكن حماة سببا في تمزق
الجماعة ، على الرغم من ان هناك شعور داخل التيار السياسي ان الطليعة كانت
وراء هذا التمزق والفشل في حماة، وثبت ذلك عند انضمام الأول إلى "التحالف
الوطني لتحرير سوريا" في مارس 1982 بالاشتراك مع 19 حركة معارضة وأشخاص
معظمهم علمانيين يتمركزون بالعراق. ويمثل سعد الدين الجبهة الإسلامية في
التحالف الذي يضم الجناح الموالي للعراق
"حزب البعث السوري" والحركة الاجتماعية العربية والناصريين بالإضافة إلى بعض الأفراد كالديكتاتور السوري السابق، أمين الحافظ.
8. ويوضح تشكيل التحالف الوطني كيفية سقوط الجماعة، حيث انها لم تفقد
فقط كثيرا من بنيانها وأساسياتها في ظل نظام الأسد ، بل فقدت أيضا القدرة
على النضال والكفاح، فقد حدث بها بعض الانقسامات والانشقاقات، حيث لطخت
نفسها بالاشتراك في نشاطات غريبة بعيدة عن فكرة الدولة الإسلامية ، حين
وضعت نفسها في قبضة النظام العراقي. وتضاءلت الأنشطة الإرهابية – التي
كثيرا ما تنسب إلى جماعة الإخوان في سوريا - في الفترة ما بين ديسمبر
1981 حتى مارس 1982 ، بعد مرور تلك الأشهر الصعبة،ولكن لم يخلو الأمر من
ظهور بعض الأنشطة السياسية القليلة للجماعة. (وكان الاجتياح الاسرائيلي
للبنان في يونيو حزيران 1982 أيضا عاملا مساهما في ذلك، فقد كان لهذا الغزو
أثرا جماهيريا كبيرا ضد العدو الصهيوني المرتقب،وبغض النظر عما حدث في
حماة، فلم تلق الجماعة التعاطف الجماهيري الذي اعتادت عليه من قبل).
9. لم تلق جماعة الإخوان المسلمين في سوريا أي دعما خارجيا ، كما تعطل
هيكلها الداخلي وسيئ لاسمها من قبل أعضائها الأصولويين وسائر الشعب السوري،
فهناك بعض التناقضات الصارخة التي جعلتنا نصدق ان تلك الجماعة لم تحقق
نجاحات أو انجازات.
ورحب البعث العلماني بالعراق ببعض قادة التيار السياسي "بأذرع مفتوحة
لكنه أغلق الباب أمام الطليعة. (حيث لم يجد عقلة ملجأ هناك ، ووفقا لبعض
التقارير، فقد تم القبض عليه عندما كان يحاول التسلل الى سوريا عام 1983 أو
1984). قال زميل أردني ان العراق ربما تكون قد نظمت تدريبا للإخوان المسلمين الآن ، ولكن بشكل محدود. ويبدو ان النظام العراقي لا يؤيد أي عمليات لا تقع تحت سيطرته.
ويزخر التاريخ بدور منظمة التحرير الفلسطينية وتعاونها مع حركة الإخوان
المسلمين، ويعد هذا من أهم أسباب كراهية الأسد لتلك المنظمة ، حيث كان
عرفات والمؤسسين لحركة فتح أنفسهم من الإخوان المسلمين،الذين تم تدريبهم مع
الفدائيين في الأردن قبل الحرب الأهلية عام 1970. وتوطدت العلاقة بين
عرفات والشيخ شعبان ، رائد التوحيد في طرابلس ولبنان في الآونة الأخيرة ،
إلى ان طرد عرفات في ديسمبر 1983.
وتعد إيران من أخطر التهديدات التي تواجه الاتجاه السياسي لجماعة
الإخوان السورية ، نظرا لدعمها نظام الأسد والعلويين وارتباطها بالاتجاه
السياسي بالعراق، فضلا عن علاقة الطليعة المتوترة بإيران بسبب دعمها للأسد.
وفي السياق نفسه، حدث بعض التوترات مع المملكة العربية السعودية بسبب
مساعداتها المالية الهائلة لنظام الأسد ، ولكن هناك بعض الشائعات بأن
الرياض قامت بتقديم المساعدات المالية وحق اللجوء لبعض الإخوان المسلمين،
فيما نفت السعودية علاقتها بذلك، ولكن تأكد فيما بعد وجود بعض الإخوان بمكة
المكرمة ، حيث سمح لهم بالدخول اليها نظرا لهويتهم الدينية المتأصلة
وعلاقتهم بالمؤسسات الدينية.
عفو السلطات وضعف الإخوان:
10. أظهر الأسد العفو (المحدود) عن الجماعة في 25 يناير، فيما اندهش بعض
الدبلوماسيين السوريين لذلك قبل تعافيه من مرضه ونفي أخيه "رفعت".
11. عفو الأسد لم يصل إلى درجة "العفو العام"
أعلن في الآونة الأخيرة عن إجراء اتصالات بين الإخوان المسلمين وقيادة تنظيم الطليعة بالخارج ، الذي يتبنى التيار العسكري.
-- يقصد بـكلمة"الخارج" - في هذه الوثيقة - العفو عن المنفيين فقط ،
وليس الإخوان المعتقلين بالسجون السورية. (وأعلن متحدث باسم الطليعة عام
1982 أن هناك 10000عضوا ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين معتقلين
بالسجون، بالإضافة إلى الآلاف السوريين المشتبه في علاقتهم بالجماعة ، وهو
عدد كبير بالنسبة لبلد صغير، فلا توجد أسرة في سوريا إلا ولها معتقل في تلك
القضية.
وأعلنت القيادة المذكورة عن إدانات عديدة تكشف مؤامرة جديدة تدبر ضد سوريا من قبل هؤلاء الذين يتاجرون باسم الدين.
كما أعلنت القيادة باسمها واسم الكثير من قواعد الإخوان عن رغبتهم في
"العودة الى أرض الوطن" ، وطالبوا بتطبيق العفو على كل من يعود إلى وطنه
بقلب مفتوح ، وقدموا اقتراحا ألا يقتصر العفو على المنفيين فقط، بل طالبوا
بأن يشمل كل قواعد الجماعة.
12. وأخيرا ، أعلن عن "عودة بعض هؤلاء المواطنين بالفعل" بموجب "عفو خاص من حافظ الاسد"..
13. وفي اليوم نفسه، صدر الإعلان الختامي للمؤتمر الإقليمي الثامن ،
حاملا رسالة مختلفة تماما. وعقدت جلسات سرية خلال المؤتمر تتناول قضية
الإخوان المسلمين.
- -- وبحث المؤتمر - أثناء دراسته الأوضاع الداخلية ، مؤامرة الإخوان
المسلمين ، التي سعت لتنفيذ خطط الاستعمار في المنطقة من خلال إنشاء قواعد
لتقديم الدعم والإمدادات والتدريب ، و معونات من الأردن والعراق ، واستعرض
المؤتمر أيضا التدابير المتخذة لتصفية تلك الجماعة وملاحقة عناصرها... كما
أشاد بالتدابير المبذولة... لإحباط مخططات الاستعمار الصهيوني.
وذكر البيان ان ما حدث في حماة كان ضروريا، ولم يبد النظام أي ندم أو أسف لذلك، كما تعهد بتكرار القمع إذا لزم الأمر.
وبالتالي فإن هذا "العفو" يعد موضع شك كبير لعدة أسباب :
- لم يشمل العفو الآف الإخوان المعتقلين في السجون. ومن الصعب أن نتخيل
ان عددا كبيرا من الإخوان المنفيين سوف يسمح لهم بالدخول إلى سوريا دون
مظاهرات تطالب بذلك. وقد أوردت بعض التقارير أنه تم الإفراج عن عدد من
المعتقلين بالسجون السورية ، ربما "مئة" ، أو "وخمسمائة"، معظمهم من
النساء، كما ان هناك تضاربا في الأنباء بشأن الإفراج عن الإخوان المعتقلين
وغموض في مصائرهم داخل المعتقلات. وقد بحث الإخوان المنفيين كيفية
المحافظة على أنفسهم قبل العودة إلى سوريا ، (ربما يواجه النظام مشكلة
كبيرة في منح العفو العام ، لا سيما بعد اختفاء كثير من المعتقلين الإخوان،
و وفقا لأحد التقارير، تم "الافراج" عن بعضهم ثم تم مطاردتهم وقتلهم عن
عمد في نهاية الأمر.وعذب البعض الآخر لدرجة أنهم لا يستطيعون الآن الظهور
أمام العامة.)
- يعد هذا "العفو" غامض للغاية ، فكيف يستطيع المنفي اثبات صدقه وولائه لبلاده مع شعوره بالاغتراب داخل وطنه.
- يقصد هنا بقيادة تنظيم الاخوان المسلمين هم الموجودين بالخارج ،وليس
قيادة المجاهدين "الطليعة" وهو الشعار المستخدم عادة في اللهجة السياسية
السورية. وجدير بالذكر ان زعيم اتجاه الطليعة – السيد عدنان عقلة – لا يزال
محتجز في أحد السجون السورية ، حيث استبعده السوريون من حياتهم.
- إن طبيعة الإخوان المسلمين السوريين -- وخصوصا
تعصب "الطليعة" – يشير إلى أن عدد قليل منهم ، هم الذين يقبلون التذلل
والخنوع لحافظ الاسد.
14. وقد حصلنا على عدد من التقارير حول إجراء مفاوضات بين مسؤولين
أمنيين سوريين وبعض ممثلي منظمة "الطليعة" –بشأن البدء في إدخال سعيد شعبان
وربما الايرانيين في المنظمة، وأفاد تقرير آخر أن "بضع مئات" من أعضاء
الطليعة قد عادوا إلى سوريا بعد اللجوء إلى المملكة العربية السعودية ،
بفضل تدخل ولى العهد، الأمير عبد الله "عند زيارته لدمشق في الفترة من 21
يناير: 1 فبراير (وربما أيضا خلال زيارته في سبتمبر 1984) ، وسوف تنضم
الطليعة إلى "الجبهة الوطنية التقدمية السورية."
15. أشار متحدث مجهول باسم الطليعة - في سبتمبر 1982 في مقابلة مع
صحيفة "لو ماتان" الفرنسية- باصابع الاتهام الى زعماء "الاتجاه السياسي"
لجماعة الإخوان (كسعد الدين وآخرون) بأنهم يخططون للانضمام إلى ائتلاف
الاسد. ومن المحتمل أن تكون الطليعة نفسها ، أو بعض عناصرها هم الذين فعلوا
ذلك.
16. وبعد التأكد من صحة هذه التقارير ، نميل إلى الاعتقاد بأن أحد صغار
عناصر الطليعة ، أو أحد عناصر الإخوان المسلمين الذين اتخذو هذا الاسم، قد
انخرطوا في مفاوصات مع السوريين. وصرح أحد الدبلوماسيين السويديين الذين
تابعوا جماعة الإخوان المسلمين السورية لفترة طويلة انه علم ان شعبان قد
أثار مسألة عودة الإخوان المنفيين (ممن اتخذوا طربلس ملجا لهم) إلى سوريا،
خلال زيارته لدمشق في ستمبر 1984.
17. وأضاف السويدي ان شعبان يعد عدوا لدودا للأسد ، فقد وافق فقط أن يأتي إلى دمشق ، بناء على دعوة الرئيس الايراني خامنئي.
18. كان إعلان "العفو" عن جماعة الإخوان المسلمين يمثل جزءا هاما من
الدعاية للاستفتاء الشعبي. فمن الواضح أن الأسد كان يريد الخوض في
الاستفتاء بكسب"الجناح الديني"بقدر الإمكان. وقبل أيام من استفتاء 10
فبراير شباط ، زخرت الصحف بهتافات كبار الزعماء الدينيين المؤيدة للأسد من
خلال العناوين الرئيسية ،كما تضمن التأييد إعلان مشترك بين المسلمين
والمسيحيين السوريين. كان الأسد دائما حريصا على ان يظهر في صورة المسلم
الورع على الرغم من كونه علوي ،مما دفع المسلمين المتدينيين إلى احتقاره،
فضلا عن قضاءه على الوحدة الوطنية من خلال ارهابه للزعماء المسحييين.
19. كان الأسد في أشد الحاجة إلى هذا "العفو"، فقد كانت لأحداث حماة
آنذاك ذكرى وطنية أليمة لم يسبق لها مثيل. كما ان هناك اتجاه أن الأسد سعى
وراء فترة ولايته ثالثة تقوم على "التطهير"، متناسيا الرعب الذي أحدثه في
حماة. وفي الوقت نفسه ، كان لتك الأحداث أهميتها في في تذكير الناس بأن
الأسد سوف يظهر شراسته ويكشر عن أنيابه إذا لزم الأمر. هكذا يبعث الرئيس
السوري برسالة مزدوجة إلى شعبه الا وهي: العفو والسماح مع العنف والدمار.
والواقع أن "العفو" هو أيضا كان قاسيا جدا في تشويه صورة الدين الحنيف.
وحاول الأسد ان يظهر بصورة الإنسان الخير المؤيد لدينه (على الرغم هويته
العلوية) ، وايضا في صورة الرئيس الصارم مع شعبه، وكلها متناقضات.